جفرا نيوز -
خالد مفلح البداوي
الوسطيّة ليست مجرد كلمة أو خيار سياسي، بل هي منهج شامل مستمد من الإسلام، يوازن بين العقل والقلب، بين الحق والواجب، بين الفرد والمجتمع والدولة. في زمن الانقسامات والفوضى، حيث يرفع المتطرفون أصواتهم ويظنون أنهم يملكون الحقيقة، تبقى الوسطيّة الإسلامية الحصن الذي يحمي المجتمع والدولة. هي القوة التي تحول الفوضى إلى نظام، والصراع إلى فرصة، والانقسام إلى وحدة. هي الاعتدال بين الإفراط والتفريط، والمبدأ الذي يوجّه كل قرار وكل تصرف في السياسة، الاقتصاد، والمجتمع.
في السياسة، الوسطيّة كما علمنا الإسلام تمنع الانحياز الأعمى، وتحمي مصالح المجتمع كله. هي التي توازن بين مصالح الطبقات والفئات المختلفة، تمنع الاحتكار السياسي أو الاقتصادي، وتجعل القرارات تصب في مصلحة الجميع، لا لمصالح فردية أو حزبية ضيقة. الوسطيّة تمنع الانقسامات الداخلية من التحول إلى صراعات مفتوحة، وتمنح الدولة القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة بعقل متزن وقلب قوي، وفق أسس العدالة والمساواة التي يحض عليها الإسلام.
في الاقتصاد، الوسطيّة تعني العدالة والاعتدال. تحمي الفقراء، تمنح رجال الأعمال الحرية للنمو والتطوير، توازن بين الإفراط والتفريط، وتخلق بيئة عادلة ومستقرة. كل قرار اقتصادي يتخذ وفق الوسطيّة الإسلامية يحقق التوازن بين التنمية والعدالة، ويجعل الدولة قادرة على مواجهة أي أزمة مالية أو اجتماعية، مع مراعاة حقوق الجميع كما يفرض الدين الحنيف.
في العلاقات الدولية، الوسطيّة هي السبيل للحفاظ على السيادة والكرامة. الدولة الوسطية وفق الإسلام تعرف كيف توازن بين القوى الكبرى، تحمي مصالحها دون الانحياز الأعمى، وتبني علاقات قوية ومرنة. الوسطيّة تمنع الانزلاق خلف أي طرف، وتتيح للدولة التعامل مع الأزمات العالمية بحكمة ومرونة، مستندة على قيم العدالة والاعتدال التي يعلمنا إياها القرآن والسنة.
في المجتمع اليومي، الوسطيّة تظهر في الاحترام المتبادل، في الاستماع قبل الحكم، وفي تجاوز الخلافات دون الانجرار للصراعات العقيمة. المجتمع الذي يعيش وفق الوسطيّة الإسلامية يكون أكثر صلابة، وأكثر قدرة على النمو والتقدم، وتتحول الخلافات إلى فرص للتفاهم وليس للفوضى أو الكراهية. الوسطيّة تمنح الأمان، العدل، والكرامة لكل فرد، وتضمن أن يعيش الجميع في بيئة متماسكة ومستقرة.
الوسطيّة أسلوب حياة، دليل قوة، رسالة لكل من يريد فرض رأيه بالقوة أو التهديد. الاعتدال والاعتراف بحقوق الآخرين هو الطريق الأقوى والأكثر تأثيرًا، التطرف والفوضى لن ينتصرا على العقل والمنطق، والاعتدال الإسلامي هو المنهج الذي يضمن استمرار المجتمع والدولة.
الوسطيّة كما يؤكد الإسلام هي الاعتدال بين الإفراط والتفريط، منهج عملي شامل في كل تفاصيل الحياة. هي القوة التي تحمي المجتمع والدولة، توازن مصالح الجميع، تجعل الطريق إلى الاستقرار والنجاح ممكنًا، وتضمن أن يسود العدل ويعيش الجميع بأمان وكرامة. الوسطيّة ليست مجرد كلمة، بل هي دين، منهج، وقوة لا يمكن تجاوزها في أي زمان ومكان، هي الأساس لكل مجتمع متقدم، وكل دولة صامدة، وكل فرد عاقل يعيش حياة متوازنة ومستقرة.