جفرا نيوز -
خالد مفلح البداوي
الإشاعة يا جماعة مش كلمة بتنقال وبتمشي، هي زي حجر صغير ينرمي في مي راكدة، بس دوائره بتكبر لحد ما توصل لكل الناس بدون أي استئذان. وبهالزمن، الكلمة تنتشر أسرع من الحقيقة، والناس أحيانًا بتصدق قبل ما تسأل عن أصل الخبر أو عن مصدره. وهذا هو السبب الأساسي اللي بيخلي الإشاعة أقوى من أي بيان رسمي، وأسرع من أي محاولة لتصحيح المعلومات.
المجتمع اللي بتنتشر فيه الإشاعات بسهولة بيصير مهزوز ومفتوح لأي صوت ممكن يغيّر المزاج العام. الثقة بين الناس بتضعف، العلاقة بين الجار وجاره بتتأثر، والمواطن بينسى إنه في مؤسسات مسؤولة موجودة. الكلمة الواحدة، لو كانت كاذبة، ممكن تغيّر صورة مؤسسة كاملة، أو تهز سمعة شخص، أو تزرع خوف عند ناس أبرياء ما إلهم أي علاقة بالمشكلة نفسها.
والمصيبة الأكبر… إنه الإشاعات ممكن تطيح في ناس شرفاء، ناس ما إلهم لا بالسياسة ولا بالمشاكل، ولا يوم فكّروا يؤذوا حدا. كثير من رجال الأعمال، والمعلمين، وأصحاب السمعة الطيبة، تعرّضوا للضرر بس لأن كلمة كاذبة انطلقت وانتشرت بسرعة قبل ما يكون عندهم فرصة يوضحوا الحقيقة. وهذا يبين قدّيش الإشاعة ما بتفرق بين قوي أو ضعيف، أو بين شخص عادي وشريف. الضرر ما بيكون بس على مستوى الفرد، بل أحيانًا يلمس العائلة كلها، ويخلق خلافات بين الناس على أساس خبر غير صحيح.
الإشاعة دايمًا بتسبق الحقيقة، والحقيقة دايمًا بتجي متأخرة. وهذا التأخير هو اللي بيضاعف الأذى. وللأسف، الطبيعة البشرية تجعل الناس تنجذب للأخبار الغريبة والمثيرة، حتى لو كانت كاذبة، أكثر من الأخبار الهادية والصحيحة. ومع كثرة الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي، كل كلمة كاذبة بتنتشر كالنار بالهشيم، بدون أي رقابة أو توقف.
حتى على مستوى الدولة والاقتصاد، الإشاعة إلها تأثير كبير. المستثمر بخاف من الظل قبل الحقيقة، والسوق بتتأثر بأي كلمة غير مؤكدة. الإعلام غير الرسمي اللي ينشر إشاعات ممكن يهز ثقة الناس بالمؤسسات، ويخلق توتر اقتصادي واجتماعي. وهذا جزء من قوة الإشاعة… إنها تضرب بلا جهد، وتترك أثر طويل الأمد على مجتمع كامل.
لكن رغم كل هذا، لسه في أمل. المجتمع الواعي قادر يحمي نفسه إذا كل واحد فينا أخذ مسؤولية صغيرة: نسأل قبل ما ننشر، نبطئ قبل ما نشارك أي خبر، ونسأل: هل هذا الكلام صحيح؟ هل ممكن يأذي حدا؟ هل أنا عم أساعد المجتمع ولا عم أزيد الفوضى فيه؟ هاي اللحظة البسيطة ممكن تمنع ضرر كبير، وتحمي ناس وبلد كامل.
الإشاعة سلاح الضعفاء، والقوة الحقيقية هي بالوعي وبالتمسك بالحقيقة. المجتمع القوي مش اللي ما بمرّ عليه إشاعات… المجتمع القوي هو اللي ما بخلي الإشاعة تعيش فيه، واللي يوقفها قبل ما تضر أحد أو تهز الثقة بين الناس.