حين يطول التفكير ويضيق الواقع

خالد مفلح البداوي

احيانا نقف امام انفسنا نراقب كل فكرة تولد في عقلنا نفكر طويلا في كل قرار ونحلل كل كلمة نطقنا بها او لم ننطق التفكير يصبح رحلة داخل متاهة لا نهاية لها كل زاوية فيها سؤال وكل سؤال يولد قلقا وكل قلق يحفر عميقا في وجداننا نشعر بان عقولنا لا تهدا ابدا وان صمتها الوحيد يكون حين نغفو لنواجه احلاما ربما اكثر وضوحا من واقعنا

الواقع للاسف غالبا ما يكون مريرا نتخيل ان الطريق امامنا مفتوح وان كل خطوة سنخطوها ستقربنا من احلامنا ولكن الحياة تظهر لنا احيانا وجوها مختلفة مليئة بالعوائق والخيبات بالفرص الضائعة وبالظروف التي لم نكن لنحسب لها حسابا نشعر بالعجز نراجع قراراتنا ونتساءل هل كل هذا التفكير كان عبثا ام ان ثمرة هذه الرحلة العقلية ستظهر لاحقا

رغم ذلك التفكير الطويل ليس عدوا هو الذي يجعلنا نميز بين ما هو مهم وما هو ثانوي هو الذي يعلمنا الصبر ويزرع فينا الوعي الحقيقي بالذات وبالعالم من حولنا الافكار التي تراودنا في احلك اللحظات حتى لو كانت مؤلمة تحمل بين طياتها بصيصا من الحكمة فرصة لفهم انفسنا اكثر وللتخطيط بحكمة للمستقبل

الواقع المرير يمنحنا اختبارا قاسيا لكنه يعلمنا ايضا شجاعة مواجهة الحياة بلا اقنعة حين نتقبل حقيقة ان الطريق ليس دائما سلسا ونستوعب ان الفشل جزء من التجربة نصبح قادرين على المضي قدما بثقة اكبر كل الم وكل خيبة امل وكل لحظة شعور بالعجز تصبح درسا نحتفظ به في ذاكرتنا يجعلنا اكثر قوة وفهما للحياة وللناس من حولنا

في هذا التوازن الدقيق بين التفكير والواقع نكتشف فن الحياة ان نفكر بعمق وان نعيش الواقع بوعي وشجاعة وان نحول كل تجربة الى فرصة للنمو وكل تحد الى خطوة نحو فهم اعمق لانفسنا وللعالم الذي نحيا فيه