جفرا نيوز -
بشار جرار
للجولات والزيارات الخارجية الملكية أهميتها التي لا تخفى توقيتاتها ومواقيتها، دلالاتها وغاياتها عن الأردنيين أولا، ومن بعدُ عن المعنيين بتقدم الأردن نحو أهدافه الوطنية الداخلية ومن ثم الخارجية، على المستويين الثنائي والمتعدد.
المتابع لزيارات سيدنا واتصالات جلالته يدرك أن جهدا مؤسسيا كبيرا بعضه يتم الإعداد له مسبقا -ربما على امتداد شهور- وبعضه قد تفرضه أولويات أردنية مرتبطة ببرامج وطنية من بينها كما في الجولة الآسيوية الراهنة، فرص واعدة تتعلق بخطة التحديث الاقتصادي التي هي كما بالنسبة للتحديث السياسي والإداري، جهد وطني مؤسسي تراكمي، الجميع فيه فريق واحد.
الجولة الآسيوية الخماسية انطلقت من شمال غرب القارة إلى شرقها وجنوبها والتي تشمل اليابان وسنغافورة وفيتنام وباكستان وإندونيسيا. قارتنا كبيرة لكن عالمنا صغير، من حيث تشابك المصالح وتضافر الفرص وتعاظم الزخم، في حال اختارت الشعوب التعاون والتكامل والتفاهم والوئام والتنمية والسلام سبيلا للتقدم بالحاضر نحو المستقبل دون الالتفات إلى مخلفات التاريخ بكل جروحه وجراحه سواء أكانت على مستوى العالم أو الإقليم أو حتى البلد عينه.
لكل محطة من تلك الجولة الملكية ملفها الخاص التفصيلي المبني على ميزة تلك البلدان الآسيوية الخمسة، وما يتقاطع معها ويتلاقى بالميزة الأردنية التي يتولى سيدنا عبدالله الثاني ربنا يقويه ويرعاه بنفسه تقديمها للعالم كله في حله وترحاله، من عمّان المقرّ إلى حيث تكون وجهة الطائر القرشيّ الميمون.
الدعوة للاستثمار والترويج لطاقات وإبداعات «أغلى ما نملك» الإنسان الأردني، وإمكانات هذا الحمى الهاشمي الذي تحمل ما لم تتحمله دولة في العالم رعاية لكل وافد ومقيم ولاجئ، تلك الدعوة وذلك الترويج لا يقف عند حدود محبة واحترام وتقدير العالم لسيدنا ولإرث الهاشميين ودور الأردن التاريخي على امتداد مئوية ونيف، بل ينطلق إلى مشارف المستقبل من خلال لغة واحدة يفهمها العالم، العالم كله، ألا وهي لغة المصالح القائمة على الحقائق والأرقام، لا النوايا ولا الوعود.
صحيح للأخوّة وللجوار قيمة مضافة، لكن واقع السياسة والاقتصاد، أفادنا وعلى نحو مادي واقعي، أن كثيرا من العون والدعم والإسناد والاستثمار قد يبادر إليه البعيد جغرافيا القريب سياسيا، خاصة إن تمت ترجمة ذلك القرب بالمنظومة العملية القائمة على التشريعات والإجراءات الكفيلة بتحقيق المراد من الجولة الملكية المباركة وهي مزيد من الاستثمار في الأردن بما يوفر مزيدا من فرص العمل والتي لا تعني مجرد وظائف ورواتب شهرية، بل فرص خلّاقة واعدة تقوم على توفير الأرضية والبيئة اللازمة لتشجيع الجميع وتحفيزهم على إنشاء أعمال جديدة وتوسعة القائم منها والاستيراد من الأردن والاستثمار في المملكة.
على مدى الأيام المقبلة، وفيما نسمع بعون الله المزيد من بشائر الخير عن ثمار الجولة الملكية، ربما يكون من المناسب الحديث عن المأمول الانتباه إليه في تجارب تلك الدول. البداية قد تكون فيما يخص المحطة اليابانية البلد الصديق الذي ما زلنا نشير إليه بكوكب اليابان محبة واعتزازا بما صنعه من قصص نجاح إعجازية جديرة بالدراسة وليس الاهتمام فقط كلما سمعنا عن إنجازات تلك الإمبراطورية التي ما غابت شمسها حتى بعد سحابتي هيروشيما وناغازاكي الفطرية..