
خالد البداوي
العلاقة بين الوعد والوفاء به تشبه العلاقة بين التصميم والبناء؛ فإذا كان الوعد هو التعهد بالإنشاء، فإن الوفاء هو إقامة الجسر الذي يربط بين طرفين. الوفاء بالوعد ليس مجرد تنفيذ مهمة، بل هو إعلان عن اكتمال هذا الجسر الذي يحمل في طياته الصدق والاحترام المتبادل.
يبدأ بناء هذا الجسر على المستوى الفردي. الشخص الذي يحافظ على كلمته يبني في ذاته أساسًا متينًا من المسؤولية والنزاهة. هذا الالتزام الشخصي يجعل منه فردًا موثوقًا به، وتصبح أقواله ضمانات عملية، وهو ما يمكّنه من إقامة علاقات صحية ومستدامة مع الآخرين.
على الصعيد الاجتماعي والمؤسسي، لا يمكن لأي مجتمع أو منظمة أن تزدهر دون شبكة متينة من الثقة. الوفاء بالوعود هو الأعمدة الخرسانية لهذه الشبكة. عندما يفي القائد بتعهداته، أو تلتزم المؤسسة بمواعيدها، تمنح شركاءها وعملاءها القدرة على التخطيط بيقين، مما يقلل المخاطر ويعزز عجلة التنمية. أما الإخلال بالوعود، فهو تفجير للجسور، يقوّض التعاون ويجعل الجميع يتصرف بحذر شديد.
حتى في الظروف القاهرة التي قد تمنع الوفاء، تبقى الشفافية ضرورة. التعويض عن الإخفاق القهري، والمبادرة بشرح الأسباب والاعتذار الصادق، يشبه صيانة سريعة للجسر قبل أن يتضرر بشكل دائم.
في النهاية، الوفاء بالوعد ليس مجرد فعل أخلاقي، بل هو ركيزة اقتصادية واجتماعية. إنه بناء مستمر لجسور الثقة التي تجعل التعاون ممكنًا، والعلاقات مستقرة، والعالم مكانًا أكثر قدرة على الحياة المشتركة والإنتاج المثمر.