جفرا نيوز -
كتب - محمد علي الزعبي
القادم في المشهد النيابي والحكومي يبدو أكثر سخونة مما كان متوقعًا، فالموازنة العامة للدولة ليست مجرد أرقام على الورق، بل هي مرآة لنبض المرحلة، واختبار حقيقي لقدرة الحكومة على التوازن بين الإصلاح المالي والعدالة الاجتماعية، وبين الواقعية الاقتصادية وطموحات الشارع الأردني الذي أنهكته الوعود.
في الأيام المقبلة، سيتجه مجلس النواب إلى جلسات نقاش حادة، وربما ساخنة، حول مشروع الموازنة، تحت القبة، ستعلو الأصوات، وتتشابك المواقف، وسيسعى البعض لتسجيل مواقف إعلامية أكثر من سعيهم لفهم عمق الأرقام ودلالاتها، وهنا يكمن التحدي الحقيقي أمام دولة الدكتور جعفر حسان، الذي عرفناه صاحب نظرة شمولية، لا يبيع الوهم ولا يشتري الصمت، بل يتعامل مع الوقائع بعقل الدولة لا بعواطف السياسة.
دولة جعفر حسان.. حذاري من شرك الإيماءات والوعود، فالكثير سيحاولون جرّك إلى مربعات المجاملة أو التسويف، ظنًا أن الهدوء السياسي يُشترى بمسكناتٍ كلامية، لكننا نعرفك، ونعرف أن صدقك لا يُجامل، وأن شفافيتك لا تُساوم، الموازنة ليست ميداناً لتوزيع الأدوار، بل عقد ثقة جديد بين الحكومة والمواطن، وبين الإصلاح والقدرة على تحمّل كلفته.
المرحلة المقبلة تتطلب صرامة في الرؤية، لا ليونة في المواقف، فالمواطن اليوم لا يريد أن يسمع وعوداً، بل أن يرى طريقاً واضحاً نحو الانفراج الاقتصادي، وتحسين الخدمات، وترسيخ العدالة في توزيع الموارد، هذه الموازنة يجب أن تكون ميزان صدق، لا دفتر أماني.
نحن ندرك أن دولة جعفر حسان يدرك تماماً أن اللحظة دقيقة، وأن الأردن يقف على مفترقٍ يتطلب وضوحاً في القرار، وثباتاً في الخطى، ومصارحة بلا مواربة، فالحكومات تُختبر لا في التصريحات، بل في قدرتها على حمل الأمانة دون أن تنزلق في بئر المهادنة أو تجامل على حساب المصلحة الوطنية.
إنها مرحلة تتطلب أن نكون صريحين مع أنفسنا قبل غيرنا، وأن تُبنى العلاقة بين مجلس النواب والحكومة على قاعدة المسؤولية المشتركة، لا على تبادل اللوم أو المزايدة في الشعارات، فالأردن لا يحتمل المزيد من الدوران في الدائرة ذاتها، ولا مناورات السياسة على حساب استقرار الوطن.
دولة جعفر حسان...
نثق أنك تدرك أن الموازنة ليست ورقة تفاوض، بل وثيقة عهد مع الوطن، فاحذر من غواية التسويات السهلة، وامضِ في طريقك بثقة القائد الذي يعرف أن الصدق، وإن كان مؤلماً، هو أقصر الطرق نحو الحقيقة والإصلاح، ولا تترك لعواصف الصالونات أن تهمس في أذن القرار، فالوطن لا يُدار بالانطباعات، بل بالبصيرة والإنجاز، وبالإرادة التي لا تساوم على مصلحة الدولة مهما علت الأصوات وتكاثرت الإيماءات.