جفرا نيوز -
حينما تصل إلى عمر معين تصل إلى مرحلة من الشبع بكل شيء، وكأنك في رحلة العمرالطويلة العميقة وصلت قبل الجميع إلى مرفأ العمر ولاتقبل بأنصاف الحلول، وقد تغريك جلسة على قارعة الطريق مع رجل ليس أكثر من وجوده في الحياة غير أنه على دكة الإحتياط ورغم ذلك لديه من الحِكمة بما يكفي ولديه المقدرة لإقناعك بما قاله الشاعر محمود درويشع، "على هذه الأرض ما يستحق الحياة". وفي نفس الوقت أصبحت هذه الحياة لاتغريك الجلسات الغير بريئة التي تظهر سوء بواطنها وناهيك عن تظخيم الذات والتحيز نحو نفئة لاتجيد إلّا نبش القبور، وتدرك في لحظة ما أنك نائم بين القبور. الحياة المليئة بالتجارب العميقة تتيح لك أن يكون لديك ذات يوم وبعد ما وصلت إلى الإشباع الفكري والروحي أن يكون لديك بصيرة، وهذه البصيرة تجعلك ترى الذي يوزع في النهار الورد على القبور وفي المساء يوزع الرصاص على الأعداء.
أتساءل: لماذا وصلنا إلى مرحلة القفز العشوائي السقوط في أحضان العبث؟ ولماذا تحولنا إلى جثث تجوب الطرقات، وتعوي، وتلتهم القبور، وكأننا مصاصو دماء؟.
تأدّب، أيها الآدمي، فجميع البشر مثلك مخلوق من طين لاتنتقص ممّن حولك، وممّن يعيشون معك، ويحاربون الفراغ معك.
تأدّب، أيها الإنسان، حينما يعلو صراخك، وكأنك باذخ في جنونك الكوني، جنون العظمة الذي لا يرى غير خرافاتك التي صنعتها في جدليات رأسك، تلك التي حوّلت كل هذا الجنون إلى حقدٍ دفين، تأكد أنك لن تجني في رحلتك المحبة. تأدب وأدب نفسك حينما تصل إلى مرحلة ما لاتستطيع العيش بدون أن تخلق لنفس عدوًا وهمي صنعته في مخيلتك. تأدب فأنت لست أكثر من طين.
رامي عبدالله الجنيدي