جفرا نيوز -
ينال برماوي
يحمل تقرير صندوق النقد الدولي الذي أصدره نهاية مراجعته الرابعة في إطار «اتفاق تسهيل الصندوق الممدد» والمراجعة الأولى ضمن «تسهيل الصلابة والاستدامة» رؤية متفائلة لأداء الاقتصاد الأردني خلال الفترة المقبلة وإمكانية تحقيق نسبة نمو تتجاوز 3%، وخاصة مع احتمالات عودة الاستقرار إلى المنطقة وعدم حدوث صدمات إضافية، مدفوعاً بتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، بخاصة مع كل من سوريا والعراق، وزيادة الجاذبية الاستثمارية للمملكة نتيجة لتراجع حدة مخاوف رجال الأعمال والمستثمرين والسياح وغيرهم.
تنطلق رؤية الصندوق في تقريره، الذي بدا أكثر تفاؤلاً من المرات السابقة، من قدرة الاقتصاد الوطني على الثبات والتحلي بالصلابة إزاء اضطرابات الإقليم وعدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وهيجان حكومته المتطرفة، إضافة إلى أزمة البحر الأحمر وباب المندب والظروف الجيوسياسية العالمية وانعكاساتها المباشرة على قطاعات أساسية رافدة للنمو، مثل السياحة والاستثمار والعقار وحركة التجارة، والمخاطر التي تحدق من حين لآخر بسلاسل التوريد والأمن الغذائي.
صندوق النقد الدولي غير مرحب به شعبياً حتى هذه اللحظة، لتخزين ذاكرة المواطنين كما هو حال باقي البلدان، قرارات رفع الأسعار والضرائب وإلغاء الدعم في إطار إصلاحات هيكلية بنيوية رأت الحكومة المتعاقبة ضرورتها للتعاطي بأقل الأضرار مع الضغوطات المالية التي تعاني منها الموازنة العامة وارتفاع سقف الدين العام والتضخم والفقر والبطالة وغيرها.
تقرير الصندوق أتى على تعداد العوامل الأساسية التي عززت منعة الاقتصاد الأردني في مواجهة التحديات، وأهمها تطبيق سياسات مالية واقتصادية كلية سليمة وتنفيذ إصلاحات هيكلية، ما أدى إلى تسارع النمو الاقتصادي إلى 2.7% في النصف الأول من عام 2025، متجاوزاً التوقعات السابقة بأن يبلغ 2.2% فقط، فيما استقرت معدلات التضخم عند نحو 2% مع استمرار البنك المركزي الأردني في الحفاظ بنجاح على الاستقرار النقدي ومتانة الجهاز المصرفي، وربط الدينار بالدولار الأمريكي، وزيادة كفاءات التحصيل الضريبي ومعالجة اختلالات جوهرية في بعض القطاعات كالمياه والكهرباء.
الجهود، حسب توقعات الصندوق، ستستمر للفترة 2026-2028 بهدف السيطرة على المديونية العامة بشقيها الداخلي والخارجي إلى ما نسبته 80% من الناتج المحلي الإجمالي والتي تقترب من 120%.
تلك المؤشرات وغيرها ينظر إليها بإيجابية قياساً إلى حجم التحديات والضغوطات على الاقتصاد والمالية العامة، ولكنها لا تتماشى مع الاحتياجات التنموية للمملكة وللحد من الفقر والبطالة وتحسين البنى التحتية في مختلف القطاعات وتجويد الخدمات. والمأمول أن تشهد المرحلة المقبلة تسريعاً للخطط والمشروعات التي من شأنها زيادة نسب النمو وتوفير فرص العمل وتحسين بيئة الاستثمار والاستفادة كما يجب من مشروعات إعادة الإعمار.