النسخة الكاملة

المحاربون لا يتقاعدون

الخميس-2025-10-02 11:11 am
جفرا نيوز -
بشار جرار

زخر اللقاء الأول من نوعه الذي يجمع قادة الجيوش الأمريكية داخل البلاد وخارجها في مكان واحد، زخر بالرسائل البسيطة والمركّبة. مجرد دعوة مئات الجنرالات والأدميرالات وكبار الضباط في مختلف صنوف الأسلحة الأمريكية بما فيها النووية للاجتماع في مكان واحد، كان حدثا أمنيا سياسيا إعلاميا ضخما، قضّ مضاجع بعض المعنيين عبر المحيطين الأطلسي والهادئ، خاصة تلك الدول التي تتوجس مما أراده ترمب، من استرداد الاسم الأصيل للوزارة التي كانت وزارة «الدفاع» حتى مطلع الشهر الماضي، قبل أن تعود بأمر تنفيذي رئاسي إلى مسماها ورسالتها وزارة «الحرب» الأمريكية كما كانت حتى سنة 1949.

قد يتطلب الأمر أياما ربما أسابيع أو أشهرا، لمعرفة إن كان الاجتماع يقتصر على رسائله العلنية البسيطة والمباشرة، والتي حددها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، بكونها مؤسسة عسكرية وطنية احترافية قتالية، لا يسمح للسياسة والأيدولوجيا باختراقها، خاصة بعد تغول اليسار وتيار العولمة على أهم صمامات أمان ومفاصل أداء الدولة والمجتمع في أمريكا، ألا وهي هوية بلاد العم سام، وحدود أمريكا، والقيم الروحية والأخلاقية التي قامت عليها كمنارة للعالم الحر الجديد، وفق رؤى «الآباء المؤسسين» وأبرزهم أول رؤساء أمريكا الذي كان قائدا للثوار ضد بريطانيا، الجنرال جورج واشنطن وهو الذي اختار تسمية وزارة الحرب وعيّن أول وزير للحرب الجنرال هنري نوكْس.

كما كان متوقعا منذ اختيار ترمب «بيت هِغْزِثْ» وزيرا لقيادة البنتاغون والوزارة، وهو المحارب الذي خدم في العراق وأفغانستان وألف كتابا بعنوان «الحرب على المحاربين» في إشارة إلى ضرورة تخليص رفاق السلاح وحمايتهم من تمادي وتوغل أصحاب الأجندات التي لا تليق باحترافية وموضوعية ووطنية المؤسستين العسكرية والأمنية، وهي كذلك فيما يخص القضاء والصحافة، وجميعها -للأسف- تعرضت لمحاولات الاختطاف والأدلجة والبرمجة من قبل ذوي الأجندات الخاصة. أي أجندة تنال من الروح القتالية للمحارب أو تحد من استعداده وجهوزيته لكسب الحرب، دفاعا عن الوطن في هذه الحالة أمريكا، تعتبر أجندة غير وطنية وغير مهنية.

تندّر الإعلام الموغل في انحيازه ضد ترمب والجمهوريين والمحافظين على الحدث الذي شهدته قاعدة كوانتكو، الأكبر على الساحل الشرقي لأمريكا صباح الثلاثاء، تندّروا على التعليمات الخاصة باللياقة البدنية والمظهر العام بما فيه «الحلاقة الكاملة للذقن وعدم إرخاء اللحى». وزير الحرب دعا قبل خطاب ترمب للعسكريين على الهواء مباشرة، وبعيدا عن المنبر المركزي على المسرح، دعا في أداء أقرب إلى حديث القائد الميداني مع العسكر أو الإعلامي مع الجمهور، دعا إلى تمرينات يومية، وفحوصات وزن ولياقة وصحة عامة مرتين كل عام. ولمن أصر على إطلاق لحيته خيّره بين الالتزام بالضوابط الجديدة (المتعارف عليها عالميا) وبين الالتحاق بالعمليات الخاصة ليتم إبقاء الانضباط العسكري في أعلى وأدق درجات الضبط والربط، للحفاظ على الروح القتالية من جهة، وصورة العسكرية الأمريكية أمام الناس والعالم.

معلوم أن لكل جيش عقيدة عسكرية تسمى أيضا «قتالية». وما من عقيدة إلا وارتبطت بالشكل والمضمون، الصورة والانطباع، والأهم الرسالة..

يشار إلى أن ترمب أعاد تفعيل التمارين الرياضية، تمارين اللياقة البدنية في المدارس كأحد الأدوات الكفيلة بتحقيق جملة من الأهداف التربوية والوطنية، منها تحقيق روح الفريق، تحصين الطلبة من آفات السمنة والكسل والعزلة والسموم المسماة المخدرات، إضافة إلى تهيئة الأرضية المناسبة للاستقطاب إلى عالم الجندية وشرف العسكرية.

لم أحظ بشرف الخدمة العسكرية في حياتي كوني وحيد الوالدين، لكني مازلت أعتز بهيئة وهيبة من عرفت من العسكريين الأردنيين والأمريكيين الذي أجمعوا على أن العسكري لا يتقاعد، والمحارب دائما في أتم الاستعداد تلبية لنداء الواجب..

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير