جفرا نيوز -
بقلم - ماجد ابورمان
استمعت كما استمع غيري إلى ما قاله معالي الأستاذ محمود الخرابشة، النائب والوزير السابق، عن أن أحمد الصفدي لا يصلح أن يكون رئيسًا لمجلس النواب لجهله بالدستور. ولست هنا بصدد الدفاع عن الصفدي ولا في وارد الهجوم على الخرابشة، لكنني أجد نفسي مدفوعًا لوصف الحال ومناقشة الفكرة من زاوية مختلفة.
فالمسألة في جوهرها لا تتعلق فقط بفقه الدستور أو حفظ مواده عن ظهر قلب، بقدر ما تتعلق بقدرة المسؤول على الالتزام بروح القيم التي تنهض عليها الدولة والمجتمع. فكم من رجال قانون يفقهون النصوص ويجيدون تفسيرها، لكنهم يخالفونها كل يوم ألف مرة حين تعارض مصالحهم أو نوازعهم الخاصة.
أما الصفدي، إن كان يُحسب له شيء، فهو حفاظه على دستور آخر قد يكون أهم من أي نص مكتوب: دستور الشرف والأخلاق. فهذا الميثاق غير المدوّن هو الذي يُبقي السياسة في حدودها الإنسانية، ويجعل من المنصب مسؤولية أخلاقية قبل أن يكون امتيازًا سلطويًا.
إن الدساتير تُكتب لتُنظم، لكنها لا تُغني عن المروءة التي تُهذّب، ولا عن الأخلاق التي تُعصم. وحين يُفتقد هذا البعد الأخلاقي، يصبح الدستور مجرد نص جامد يتعرض يوميًا للخرق والتجاوز.
لذلك، يبقى السؤال الأهم: هل نريد مسؤولين يحفظون مواد الدستور في الذاكرة أم رجالًا يحفظون ميثاق الشرف في الضمير؟