النسخة الكاملة

بلير مخرب العراق يريد إعمار غزة

الإثنين-2025-09-29 10:18 am
جفرا نيوز -
حمزة العكايلة

 في المشهد السياسي الدولي، تعاد وجوه كثيرة للواجهة، وكأن الذاكرة الجمعية قد أصيبت بالشلل، من بين هذه الوجوه، يبرز توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، الذي لا تزال دماء العراق رطبة على قراراته، وهو الآن مرشح لتولي إدارة قطاع غزة.

قبل أكثر من عقدين، خدع بلير العالم بتحالفه مع واشنطن لغزو العراق، مستندًا إلى معلومات استخباراتية تبين لاحقًا أنها مفبركة ورغم التقارير الدولية التي كشفت الكذبة الكبرى بغزو العراق، لم يبدي بلير ندماً، بل اكتفى باعتذارات انتقائية، ركن معها المسؤولية للمعلومات وليس القرار السياسي ذاته، وكأن دماء نصف مليون عراقي وصعود الإرهاب وخراب البلاد آنذاك مجرد سطر على الهامش.

ما جرى في العراق لم يكن مجرد خطأ، بل كان إهانة للعقل الجمعي للبشرية،كذلك حتى لا ننسى فقد فشلت مهمة بلير كمبعوث للسلام في الشرق الأوسط، والآن يعاد إنتاجه كلاعب في اليوم التالي لغزة.

ما يجري طرحه من قبل إدارة ترامب ما هو إلا إحياء انتداب بواجهة مخادعة، فخطة بـ21 بندًا تتحدث عن إعادة إعمار وحكومة انتقالية، في جوهرها الحقيقي إعادة هندسة القطاع بما يخدم مصالح تل أبيب، تمامًا كما أعادت واشنطن ترتيب العراق لصالح مشروعها الإقليمي.

اختيار بلير تحديدًا ليس بريئًا، بل هو رسالة سياسية مدروسة، أن الكذب لا يُعاقب، بل يُكافأ وأن من دمر بغداد يمكن أن يكلف بإعادة إعمار غزة، وتلك سخرية مريرة وقسوة على ذاكرة الشعوب.

ولنتذكر في جنوب أفريقيا، قاومت الأغلبية نظام الأبارتهايد لعقود، إلى أن سقط بفعل الوعي الشعبي وضغط القانون الدولي، أما في فلسطين، فإن مشاريع مثل خطة ترامب–بلير لا تختلف كثيرًا عن ذلك النظام العنصري، فإدارة دولية لقطاع محاصر بتطهير سياسي ونزع للهوية وتصفية تدريجية للقضية، تحت مسمى الواقعية السياسية أمر يفاقم المسألة ويزيد من تعقيداتها.

الفلسطينيون لا يحتاجون إلى وكيل ليحكمهم، بل إلى احترام إرادتهم وحقهم في تقرير المصير، ومسألة إعادة تلميع بلير محاولة مكشوفة لتحويل غزة إلى مختبر آخر للتجريب، على حساب حق الفلسطيني في وطن، لا في معسكر مؤقت بحراسة دولية، والمشهد بوضوح لا شرعية لمن تلطخت يده بدم العراق، ولا مستقبل لغزة يُكتب بأدوات الكذب القديمة.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير