جفرا نيوز -
الدكتور طارق الناصر
"هذا مليكي”، واثقُ الخُطى، قويٌّ، شجاعٌ، حكيمٌ، وليس كمثله قائدٌ أو زعيمٌ. هاشميُّ النَّسَب، كريمُ الخِصال، محبٌّ، محبوبٌ، وفي وجهه النَّديِّ كلُّ خِصالِ العروبةِ النقيَّة، ومعاني الرُّجولةِ التي تغنَّى بها الشُّعراءُ، والفُقهاءُ، وأهلُ العَرف.
لستُ أظنُّ أنني أجدتُ وصفكَ، يا جلالةَ الملك، وأنتَ المهابُ المهيبُ، الذي يحملُ في وجدانِه قضايا أُمَّته بإيمانٍ وإخلاصٍ، فمثلكَ، يا سيِّدي، لا يمكنُ أن يكونَ إلَّا كما أنتَ.
ولا أقولُ ذلك حُبًّا، بل لأنكم وريثُ بيتِ النبوَّةِ، الذي يعرفه العربُ والمسلمون جميعًا.
ولماذا أكتب؟ لأنني كلَّما سمعتُك أو شاهدتُك، يا سيِّدي، في محفلٍ دوليٍّ أو محلِّيٍّ، أجدني فخورًا بأنني من بَنيك، الذين تعرفُ همومَهم، وتتلَمَّسُ قضاياهم، وتعملُ لأن يظلَّ كلُّ واحدٍ منهم مرفوعَ الرأس، عاليَ الجبين. ولأنك، يا سيِّدي، إذا اشتدَّ خطبٌ على أشقَّائنا، حملتَ عنَّا التَّكليف، ووضعتَنا في موقعِ التَّشريف، لأنك أوَّلُ من يُغيثُ رفادةً وسقاية، وأوَّلُ من يُجيرُ شَهامةً وكرامةً.
وأمَّا خطابُكَ أمسِ في الدَّوحة، يا سيِّدي، فقد حملَ من الحِكمةِ ما حمل، وكأنَّكم، يا مولاي، تُؤكِّدون للعالَم أجمع أنَّ الأردنَّ، بمؤسَّساته وشعبِه، هو بيتُ العقلِ العربيِّ، بقيادتكم المباركة، وأنَّ على هذه الأرضِ دولةً قادرةً على قولِ الحقِّ، ورسمِ طريقِه كما يجب.
نعم، يا سيِّدي، رسمتم طريقًا، فيها قِيَمُ الثَّورةِ العربيَّةِ الكبرى، التي قادها جدُّكم الشَّريفُ الحسين، وفيها صورةُ الأردنِّ العزيز، الذي أسَّسه جدُّكم المؤسِّس، وحملتم أمانةَ الحفاظِ عليه وطنًا يسودُ الأرضَ بقيادتكم، وبهمَّةِ المُخلِصين من أبنائه.
وكانت القضيَّةُ الفلسطينيَّةُ حاضرةً كما دومًا، يا جلالةَ الملك، بثوابتِكم الثَّلاث، ومشروعِكم الواضح، القائمِ على حمايةِ حقوقِ الشَّعبِ الفلسطينيِّ، وإنهاءِ كافَّةِ أشكالِ الاحتلال.
ومن غيرِكم يُكاشفُ العالَمَ بوجهِه القبيح، ويدعو أُمَّتَه لأن تقولَ كلمتَها، وتَرسمَ خارطةَ الشَّراكةِ فيما بينها، بعيدًا عن أيِّ منظومةِ شراكةٍ لا تَزِنُ دورَ الأُمَّةِ في ميزانِه الصَّحيح، وأن نُشاركَ نظراءَنا بتقييمِ أدواتِنا وتفعيلِها؟
ومن غيرِكَ يَضعُ الغطرسةَ الصُّهيونيَّةَ في موقعِها، ويُؤطِّرُ الرَّدَّ بالرَّدعِ، والوُضوحِ، والحَسم؟
ختامًا، أرجو أن تعلموا، يا جلالةَ الملك، أنَّنا جُندُكم المُخلِصون، وأنَّ أرواحَ بَنينَا، ودماءَنا، قبل أموالِنا، فداءً لكم. واعلم، يا سيِّدي، أنَّنا لأمرِكم طائعون، وللأردنِّ صائنون، وأنَّنا بأمرِكم، أينما أردتم، مع جيشِنا العربيِّ، وأجهزتِنا الأمنيَّةِ المباركة، وخَلفَكم ما حَيينا.