جفرا نيوز -
هاني الدباس
كرة القدم في الأردن ليست مجرد رياضة تُمارس فوق المستطيل الأخضر، فقد تحوّلت عبر السنين إلى لغة جامعة نتحدث بها جميعًا، وراية نلتف حولها في لحظات الانتصار والانكسار على حد سواء.
ومنذ ان لعبناها في المدارس والحارات واختلفنا على صحة هدف او قفزنا فرحةً بآخر ، فرقتنا الألوان وجمعنا الشغف بقي المنتخب هو القاسم المشترك الأعظم بيننا .. فالمنتخب الوطني لم يعد أحد عشر لاعبًا على أرض الملعب، أصبح مرآةً لأحلام الملايين، وصوتًا واحدًا يختزل الانتماء والهوية الوطنية في صورة يجتمع عليها الأردنيون في لحظة صدق ..
إن تأهل المنتخب إلى نهائيات كأس العالم محطة تاريخية لا تقتصر أهميتها على الجانب الرياضي فحسب، بل تتعداها إلى كونها مناسبة لإعادة اكتشاف معنى الوحدة الوطنية وترسيخ القيم الأصيلة للمواطنة.
فالرياضة، وفي مقدمتها كرة القدم، قادرة أن تُحوِّل ميادينها إلى ساحاتٍ لتعليم الانضباط، وتعزيز الأخلاق، وغرس روح الفريق، وهي القيم ذاتها التي يحتاجها الشباب ليكونوا لبنات صلبة في بناء الوطن.
من هنا، فإن دور الاتحاد الأردني لكرة القدم لا يقف عند حدود الإعداد الفني والتنظيمي، بل يتسع ليشمل إطلاق مبادرات وطنية تتيح لكل أردني أن يكون شريكًا في صناعة الحلم، ففتح باب التبرعات على مستوى الوطن عبر رقم موحد، يتيح للجميع المساهمة دون النظر لحجمها وقيمتها ، سيتعدى مجرد الدعم المالي، ليؤول إلى فعل رمزي يعكس عمق الارتباط بين المواطن ومنتخبه، ويحوّل كل مساهمة فردية إلى لبنة في مشروع وطني جامع.
إن هذه المبادرة يمكن أن تمتد لتشمل ترميم الملاعب وتأهيلها لمستويات عالمية ، وبما يليق بمكانة المنتخب وسمعته المتعاظمة في العالم اليوم ، فالملاعب ليست مجرد منشآت رياضية، بل فضاءات اجتماعية وثقافية، تُحصّن الشباب من الانزلاق إلى مسارات سلبية، وتفتح أمامهم آفاق الانخراط في تجمعات رياضية صحية تُعزز الانتماء وتُعيد تشكيل الهوية الجمعية.
تبقى كرة القدم الأردنية بهذه الروح أكثر من منافسة رياضية، بل رسالة وطنية، ومؤسسة أخلاقية، وجسر يربط الحاضر بالمستقبل والبناء على كل الجهود ، لحظات الانتصار ودموع التعثر .. فمنذ تلك اللحظة التي قفز فيها الملك فرحاً بانتصار البطولة العربية بقميصه ذو الرقم ٩٩ اصبحت احلام كل اردني بالوصول إلى المونديال مشروعاً وطنياً متكاملاً لأجيال متعاقبة ، فالاستثمار في كرة القدم هو استثمار في وعي الشباب، وفي قيم الوحدة، وبناء وطن يُحلق عاليًا بين الأمم، كما يُحلق منتخبه في سماء العالم.
حلمٌ مشروع حققناه كلنا بشغفنا.. فلنساهم معاً في دعمه واعلاء موقعه.