جفرا نيوز -
بشار جرار
لا يخفى على أحد أن الصورة والرمز أصل ما تراه العين من جمال، لكنها بما حباها الله من قدرات لا تغفل عن أمرين يضيفان إلى الحُسن حُسنا: الإطار والخلفية..
لا تكاد تخلو بيوتنا من اختيار رأس الأسرة -الأب- وسيدة العائلة -الأم- «ست الحناين وست الدار»، اختيارهما صدر البيت لتصدير صورة كبير الدار، أحد الأجداد مثلا، أو صورة عائلية للأسرة النووية أو الممتدة.
ليس هناك حاجة لاختصاص في فنون «الإنشاء والتعمير» وقد كانت في السابق اسم وزارة، ولا إلى «المعارف» وقد كانت هي الأخرى اسم وزارة التربية والتعليم، لإدراك مدى أهمية عنصريْ إطار الصورة وخلفيتها، لمنحها ما تستحق من اهتمام لائق، يسرّ المحبّ، ويلفت انتباه الجار والمارّ.
تداولت مواقع لم يحسن القائمون على الجانب الفني منها وربما التحريري أو الإخراج الصحفي أيضا، تداولت قبل أيام صورا تعبيرية استسهلوا استجلابها على عجل من الأرشيف، للعلم الأردني مرفوعا أمام منشآت منها ما هو مُلكية القطاع الخاص، وبعضها حكومي أو عمومي.
فبينما لفت انتباهي حسن اختيار السارية والعلم من حيث جودة الإنتاج إلا أن خلفية الصورة وإطارها كان مخيبا للآمال. لن أشير إلى منزل خاص متواضع أو قسم أو دائرة خدمية في منطقة نائية. في تلك الحالات، قد تلعب الميزانية وبند النفقات الرأسمالية أو التشغيلية فيها دورا في صنع القرار من قبل المسؤول فردا أو هيئة كمجلس إدارة مثلا، بصرف النظر إن كان منتخبا أو مختارا، وفق «مواصفات ومقاييس»، وتلك أيضا تسمية رسمية لها دائرة أو مديرية.
خلفيات الأعلام الأردنية المرفوعة على المباني الخاصة والعامة، كانت جدارا حجريا -غير طبيعي- المعروف بالحجر «المْسَمْسَمْ». أو لعلها كانت من تلك الحجارة الطبيعية الأصيلة التي تتطلب نحتا بإزميل ومطرقة في يدي بنّاء حرفيّ ماهر من أردننا المفدى، أو بأيادٍ شقيقة لمن فتحت مملكتنا الحبيبة ذراعيها لاستقبالهم من الأخوة العرب والضيوف العاملين الوافدين.
نذكر باعتزاز وامتنان تلك الأيام التي استحقت فيها عمّان جوائز عالمية على نظافتها و»بياضها» في إشارة إلى استخدام الطلاء الأبيض للمباني. فكما توصف البترا بالمدينة الوردية نسبة إلى لون صخورها وحجارتها، كانت عاصمتنا «ديرتنا البيضا» لنقاء بياض حجارتنا حيث حجر مَعان «المَدْقوق» الذي شيّدا أجمل عماراتنا وفليلنا الفارهة العامرة بأهلها الطيبين.
لن يكون حملا ثقيلا من الناحية المالية ولا من المجهود التشغيلي، أن تنظّم الهيئات الرقابية ذات الصلة، وفي مقدمتها أمانة عاصمتنا الحبيبة عمّان، إجراءات لها قوى دفع مستدام تحفيزي وعقابي -إن لزم الأمر- بضرورة إزالة ما علق في حجارتنا من أتربة الزمن أو تراب أتت به ريح من شبه القارة الهندية، أو صحاري شمال ووسط إفريقيا. لا يليق السواد ولا الرمادي الداكن ببياض صنائعنا.
«عمّان في القلب» وهي غالية على كل من عاش وكبر في كنفها وتعبّد في مساجدها وكنائسها الطاهرة. فيلاديلفيا، ربّة عمّون، عمّان التي في القلب ما زالت وستبقى في عيون الأردنيين -في الوطن والمهجر- هي تلك التي قال فيها شاعرنا الكبير بارك الله في عمره حيدر محمود: بارِكْ يا مجدُ منازلَها والأحبابا.. وازرع بالورد مداخلَها باباً بابا..
لا يليق بالعلم إلا البياض الناصع خلفية، والخَضار الزاهي اليانع إطارا.. فيا متمّم صالحَ الأعمال يا رب. لا ننسى أن الأمر -رفع العلم الأردني- في جوهره رمز ورسالة. ولطالما غلب الانطباع الصورة.