الأردن الحاضر الذي لم يغب عن غزة

نيفين عبدالهادي

درب طويل ليس ببعده الجغرافي وإنما بما يحمله من صعوبات وتفاصيل تحفها المخاطر والعقبات والتحديات، لكنه الإصرار الأردني أن يسيره نحو غزة حاملا العون والمساعدات الإغاثية، والأهم رسائل حبّ ووفاء بعهد الثبات على دعمهم والوقوف معهم دون خذلان، لتبقى سواعد الأردن ممدودة للأهل في غزة دون توقف، إنسانيا، يوازيها الدور الكبير سياسيا ودبلوماسيا لوقف فوري للحرب وضمان تدفق المساعدات دون توقف.

لم يتوقف الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني للحظة عن مساعدة الأهل في غزة، حتى في أكثر الظروف صعوبة، وحصار إسرائيلي خانق على غزة، استمر الأردن من خلال شركائه من مؤسسات دولية في غزة لتقديم المساعدات تحديدا الغذائية والإغاثية منها، فلم تشهد عقارب ساعات عطائه توقفا على مدار قرابة العامين، ليبقى الأردن الحاضر الذي لم يغب عن غزة إنسانيا وإغاثيا.

حتى يوم أمس، بلغ عدد العمليات التي نفذتها القوات المسلحة الأردنية منذ عودة الإنزالات في 27 تموز الماضي (162) إنزالاً أردنياً، فيما بلغ إجمالي الإنزالات المنفذة بالتعاون مع دول شقيقة وصديقة (392) إنزالاً، ليبلغ مجموع المساعدات التي تم إسقاطها جواً من قبل نشامى سلاح الجو الملكي الأردني نحو (791) طناً من المواد الإغاثية والاحتياجات الأساسية، علاوة على قوافل المساعدات التي تسيرها الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية برا، ما يجعل من العون الأردني دائما ومستمرا للأهل في غزة، جاعلا من التحديات فرصا لعطاء لا يتوقف.

وحدها الأرقام التي تنقل الحقيقة كاملة، دون نقص أو حتى زيادة، فقد وصل مجموع المساعدات التي تم إسقاطها جواً من قبل نشامى سلاح الجو الملكي الأردني إلى نحو (791) طناً من المواد الإغاثية والاحتياجات الأساسية، وبطبيعة الحال الغذائية واحتياجات الأطفال، رقم يحمل معنى واحدا أن الأردن لم ولن يغيب عن غزة، فهو البلد الوحيد الذي حضر في غزة ولم يغادرها ولم يخذلها، مقدما العون والسند بكل ما أوتي من وفاء وحبّ، وبقي وما يزال يصل عمّان بغزة بقوافل وإنزالات عون بعزيمة أردنية لا يقوى عليها شيء.

بالأمس، نفذت القوات المسلحة الأردنية عملية إنزال جوي إلى قطاع غزة، حيث شاركت في العملية طائرات سلاح الجو الملكي الأردني وكل من جمهورية ألمانيا الاتحادية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إندونيسيا، وتم إسقاط نحو (41) طناً من المواد الغذائية والإغاثية داخل القطاع، ليضاف هذا الإنزال إلى إنزالات أخرى، ليرتفع عدد العمليات التي نفذتها القوات المسلحة الأردنية منذ عودة الإنزالات في 27 تموز الماضي إلى (162) إنزالاً أردنيا، ويجدد الأردن رسالته التي لم يتوقف عن المجاهرة بها، أنه مستمر بإيصال المساعدات إلى الأهل في غزة عبر الإنزالات الجوية، فهو الأردن الذي سيبقى مع الغزيّين فعلا لا قولا، والأمل الوحيد للأهل في غزة بأن لهم أخوة لن يخذلوهم في الأردن.

ليس الإنزال الأول، ولن يكون الأخير بهمّة أردنية قوية، توازيه قوافل الشاحنات التي تتجه دون انقطاع للأهل في غزة، بموقف أردني ثابت بضرورة وقف الحرب الفوري على غزة، وضمان تدفق المساعدات، ما يجب قوله دون توقف، الأردن الحاضر في غزة، ولم ولن يغيب، الأردن الداعم لغزة بثبات، مواجها صعوبات وتحديات، لكنه ماضٍ في دربه بثقة كاملة أن غزة تحتاجه، وأنه لن يخذلها.