النسخة الكاملة

جولات حسان... من المركزية إلى الأطراف

الأحد-2025-08-24 09:49 am
جفرا نيوز -
لما جمال العبسه

عندما تُختبر الحكومات يوميا على أرض الواقع، لا تكفي الخطابات ولا تكفي الوعود، وتبرز الحاجة الى خطط واقعية عملية قابلة للتطبيق، هذه الخطط تُوضع بناء على معطيات حقيقية وتصمم كي تسد الفجوات وتحل المشكلات ويكون لها نتائج حقيقية لا احلام وردية تنتهي مع الاستفاقة على الواقع.

بالامس أصدرت رئاسة الوزراء التقرير الدوري لسير العمل في المواقع التي تفقدها رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان  ضمن جولاته الميدانية التفقدية في جميع محافظات المملكة، شملت قطاعات الصحة، والرعاية الاجتماعية والخدمات المحلية، والشباب، والتعليم، والتدريب، والإنتاج، والسياحة، الملفت في هذا التقرير تحديده لما تم التخطيط له من إجراءات واجبة التنفيذ وتبيان ما تم تنفيذه وما يجري العمل عليه، كما ان معظم هذه الإجراءات ذات صلة مباشرة بالمواطن أي ان إنجازها أمر محسوس يشعر به الناس خاصة وانها في قطاعات انسانية مختلفة.

ما بين أيلول 2024 وآب 2025، اختار د. حسان أن يواجه الواقع المحلي ميدانيا مستنيرا بكتاب التكليف السامي لحكومته، ليتنقل بين 93 موقعا في محافظات المملكة، لا ليُشرف ويُطمئن  بل ليُنجز ويُحاسب، هذه الجولات ليست مجرد تفقدات إدارية، بل هي فعل سياسي بامتياز، يعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن، ويختبر قدرة المؤسسات على الاستجابة، ولم يقتصر الأمر على العاصمة، بل في الأطراف التي طالما شعرت أنها خارج معادلة التنمية.

من مشروع إعادة تأهيل مستشفى تأخر أربع سنوات، إلى إنارة قلعة القطرانة بعد عقود من الإهمال، ومن تحويل فكرة شابة في جرش إلى منصة رقمية وطنية، إلى صيانة مدارس أنجزت في شهرين، تتشكل ملامح استراتيجية حكومية لا تكتفي بالرؤية، بل تنزل إلى الشارع تجس نبضه ثم تركز خططها على اساس الانجاز فعلا لا قولا، أي انها عملت على البناء من الاسفل لا من الاعلى.

أهمية هذه الجولات التي افتتحت بها حكومة د.حسان عملها انها جاءت في وقت تراكمت فيه الفجوات بين المركز والأطراف، وبين الخطط التنموية والاحتياجات الفعلية، وهنا يمكن ان نصفها بانها آلية عمل مثلت أداة لإعادة هندسة العلاقة بين الحكومة التي تصغي لاحتياجات الناس فعلا والمجتمع، وهذا التقرير يقول بان جولات رئيس الحكومة ليست مجرد تفقدات ميدانية او استعراض امام الاعلام، بل كانت تدخلات جراحية في جسد اقتصادي–اجتماعي يعاني من التفاوت، والتهميش، وتآكل الثقة، لتتجلى معها ملامح ادارة تنفيذية بالمعنى الحقيقي بدون مركزية، وتعتمد على عدالة توزيعية، وتسريع العمل والخروج بانجاز حقيقي لا لُبس فيه.

خلال عام تقريبا كان هناك 242 إجراء في قطاعات مختلفة، هذه الإجراءات لم تعكس حجم التدخل فقط  بل نوعيته، ففي الوقت الذي يقدم 54 إجراء صحيا خدمات لـ 5 ملايين مواطن، ويُعاد فيه تأهيل مدارس في المفرق والطفيلة خلال أسابيع، فإننا أمام نموذج اجتماعي اقتصادي لا يكتفي بالنمو الكلي، بل يسعى إلى الإنصاف القطاعي والمناطقي، وللعلم فان هذه السياسات لا تُقاس ضمن الناتج المحلي الإجمالي، بل بمؤشرات أكثر عمقا كقدرتها مثلا على الوصول، وجودة الخدمة، وعدالة التوزيع، أي انها محاولة لتقليص الفجوة بين من يملك صوتا ومن يملك حاجة، بين من يُسمع ومن يُهمّش، وبين من يريد ان يبقى راعيا ومن ينتقل الى مكانة الشريك في التمكين.

إن استمرت الحكومة في الاستماع الى الناس والنزول الى الشارع ليس للاشراف بل للاصلاح، فإننا أمام فرصة نادرة في اعادة بناء عقد اجتماعي اردني على أساس الإنصاف، المشاركة، والسيادة التنموية.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير