جفرا نيوز -
نيفين عبدالهادي
على الرغم من الجرائم الإسرائيلية والانتهاكات التي لم تتوقف منذ أكثر من عام، وربما منذ أكثر من أربعين عاما في فلسطين، إلاّ أن الخطة التي أقرها المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت) لترسيخ احتلال قطاع غزة وتوسيع السيطرة العسكرية عليه، وضع العالم أمام انتهاك إسرائيلي جديد، بل تحدّ إسرائيلي لكافة القوانين والمعاهدات الدولية، ونبالغ في القول إنه أعاد خطوات وأصوات وقف الحرب على غزة إلى مربعها الأول، إن لم يكن قبل هذا المربع الذي طالت المدة لمغادرته!!!
قرار خطير، بل أخطر من الخطير، تعلو به الغطرسة الإسرائيلية، قرار يجعل الحديث عن السلام وراء الواقع، ومن حل الدولتين على المحكّ، قرار خطير يقوّض حل الدولتين وحقوق الشعب الفلسطيني ويهدد كل ما يبذل من جهود عربية ودولية للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء المعاناة الإنسانية في غزة، قرار يؤخّر أي تقدم باتجاه تحقيق السلام واستقرار المنطقة، ويسعى لاستمرار حالة عدم الاستقرار وبقاء المنطقة والعالم على فوّهة بركان حرب سيكون لتبعاتها الكثير من الخسائر أقلها عدم استقرار المنطقة والعالم.
حقيقة رغم كل ما قامت به حكومة اليمين المتطرف، في إسرائيل، إلاّ أن الكثير من الدول والشخصيات السياسية فوجئت بقرار خطير، في ساعات قليلة تقرر خلالها احتلال غزة، على الرغم من أن الأردن ومنذ بدء هذه الحرب المدمرة حذّر مرارا وتكرارا من مثل هذا القرار، حقيقة تحذيرات الأردن كانت مبكرة جدا، لمثل ما آلت له الأمور اليوم، وكشف الأردن مبكرا في الخطاب السياسي الدبلوماسي أن غزة محتلة، وهي اليوم بهذا القرار تمهّد لتحذيرات الأردن، ما يجعل من القادم على محكّ خطير بين السلام والحرب، بين السلام والسلاح، بين التصعيد والاستقرار، حقيقة إن لم يُدرك العالم ما تقوم به إسرائيل فإن العالم كما حذّر الأردن أن السيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة تنسف الجهود الدولية المستهدفة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء المعاناة الإنسانية في القطاع.
الأردن الذي كان أول وأوضح من أدان القرار الإسرائيلي وحذّر من خطورته، شدد على ضرورة امتثال إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، لاسيّما القانون الدولي الإنساني، ووقف عدوانها على غزة بشكل فوري، وفتح المعابر لإدخال المساعدات الكافية والفورية إلى القطاع الذي يعاني من كارثة إنسانية غير مسبوقة سببها ويفاقمها العدوان، هو موقف بحجم خارطة طريق للعمل لما هو آت، ذلك أن ترك إسرائيل بما تقوم به تركها في غطرسة تتعدد انعكاساتها على الواقع هو فتح لباب خطر لن تغلق تبعاته.
لا وقت لأي تفكير أو حتى تشخيص لخطورة قرار حكومة اليمين المتطرف، احتلال غزة، عود ثقاب تلقيه إسرائيل على كوم قش سيشعل المنطقة بأسرها، والعالم، فعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وكما دعا الأردن لضرورة اتخاذ موقف فاعل يوقِف العدوان الإسرائيلي على غزة بشكل فوري، ويلبي حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وهذا هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل الذي يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة، فلا بد من وضع سدّ منيع أمام الانتهاكات الإسرائيلية وبشكل فوري وحاسم وحازم.