الفخ الذي وقع به النائب وسام اربيحات

الدكتور محمود عواد الدباس.

1/4

كنت أتمنى أن لا يعترض أحد من نواب حزب جبهة العمل الإسلامي على تغيير مسمى إحدى شوارع العاصمة عمان من المفكر الإسلامي المصري سيد قطب إلى الشهيد العسكري الأردني عبدالرزاق الدلابيح. لكن مع الأسف وقع أحدهم في الفخ السياسي، وهو سعادة النائب وسام اربيحات. قال اربيحات بعد تغيير اسم الشارع في تصريح إعلامي: (من أراد محو اسم قطب... أحياه من حيث لا يدري، وهي فرصة أن يتعرف المواطنون على الشهيد سيد قطب وتفسيره للقرآن الكريم).

2/4

في هذا المقام، أود أن أذكر سعادة النائب أن نهج سيد قطب ليس امتدادًا لنهج حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين. ذاك أن التجربة القاسية التي مر بها سيد قطب داخل السجون المصرية في الستينيات من القرن الماضي هي من مكنت سيد قطب من إنتاج كتيب (معالم في الطريق)، وهو كتيب يتحدث في إسقاط الأنظمة السياسية التي لا تحكم بما أنزل الله، استنادًا إلى ثلاثة آيات قرآنية محددة ومعروفة. وعلى ذات النهج كان تفسير سيد قطب للقرآن الكريم في سلسلة من المجلدات تحت عنوان (في ظلال القرآن). بكل تأكيد أنني قرأت منذ عقود الكتيب، كما أنني قرأت أجزاء من مجلدات (في ظلال القرآن). السؤال إلى سعادة النائب: هل يدرك أن سيد قطب يؤمن بالمفاصلة الشعورية مع النظام الحاكم، يعقبها المفاصلة الحسية، أي إسقاط النظام السياسي القائم، استنادًا إلى تفسير عميق لمصطلحي (الألوهية) و(الربوبية)؟ في ذات الاتجاه، فإن كتابات وأفكار سيد قطب شكلت الأساس النظري الذي انطلقت منه جماعات التكفير التي بدأت في مصر ثم انتقلت لاحقًا إلى بعض الدول العربية. وبالتالي، فإن سيد قطب نتيجة التحولات الفكرية التي مر بها لم يعد من الإخوان وفقًا لصيغة حسن البنا مؤسس الجماعة، الذي كان يرفض منهجية تكفير النظام السياسي القائم أو يدعو إلى استخدام العنف في التعامل معه.

3/4

في عقود ماضية، كان هناك تيار قطبي داخل إخوان الأردن، وهو تيار أنتج فتاوى دينية حادة جدًا، كما كان له مواقف متشددة، منها مقاطعة الانتخابات النيابية في عدة دورات انتخابية، ومن قبلها رفض أو التحفظ على فكرة تأسيس حزب جبهة العمل الإسلامي.

 اليوم، وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الحركة الإسلامية بشقيها من الإخوان أو الحزب، وضمن سياسة المراجعة تجنبًا لما هو أقسى وأصعب تجاه حزب جبهة العمل الإسلامي، فإن الأسلم لنواب الحزب الابتعاد عن الإشادة بأفكار سيد قطب. ذلك أن تجربة الإخوان في سجون عبدالناصر غير موجودة في الأردن. في ذات السياق، وحيث أن الأساس الفكري لحزب جبهة العمل الإسلامي هو الاعتماد على رؤية جماعة الإخوان وفقًا لصيغة حسن البنا، فإني أفهم أن يتم الإشادة بمؤسس الجماعة حسن البنا، فهو شخصية لم يسجل عليها أنها تبنت أفكارًا تكفيرية أو الدعوة إلى توجهات دموية تجاه النظام السياسي القائم. لكن مرة أخرى، لا أفهم الإشادة بأفكار سيد قطب، حيث إنها لا تتناسب مع الحالة الأردنية، وبالتالي فلا يصح الانحياز إلى أفكاره؟

4/4

ختامًا، نكرر القول إن الشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة هو شخصية إسلامية إصلاحية معتدلة تؤمن بالمشاركة السياسية وترفض العنف السياسي. أما المفكر الإسلامي سيد قطب فهو لا يؤمن بالمشاركة السياسية، كما أنه يؤمن بالعنف السياسي ضد النظام الذي لا يحكم بما أنزل الله، وبالتالي فهو ليس من الإخوان المسلمين وفقًا لرؤية حسن البنا. من هنا أتمنى على سعادة النائب وسام اربيحات أن يكون حذرًا في قادم الأيام بما يقول، وأن يتجنب الخروج بأي تصريحات قد تضر أكثر وأكثر بحزب جبهة العمل الإسلامي.ذلك أن الحزب في مرحلة سياسية حرجة جدا ؟ .