وسط ظروف لا نجافي الحقيقة إذا ما قلنا إنها الأصعب والأكثر حساسية بتاريخ المنطقة، تجمع بغداد يوم بعد غد السبت زعماء العالم العربي على طاولة عربية عراقية، في رسالة عراقية بأنها تعود للمشهد العربي والدولي، إضافة لرسالة بصوت عربي واحد، أن الأمة العربية تلتقي اليوم لبحث قضاياها ومصالحها وتحدياتها، وبالطبع واقع اضطرابات المحيط والحرب على أهلنا في غزة، يبحثون ويقررون بآمال عربية أن صوتا عربيا يجاهر بمواقف واضحة للصالح العربي أولا وآخرا.
بعد غد، السابع عشر من أيار الحالي يوم عربي بامتياز، عربي الكلمة والصوت والاصطفاف خلف وحدتهم، حيث تستضيف بغداد فعاليات الدورة الـ34 لاجتماعات مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، وفي كلمة قمة معان كثيرة، ودلالات كبيرة، فهي القمة التي تأتي بعد قرابة العامين من الحرب على قطاع غزة، وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية، والقدس الشريف، تأتي وقد وقف الأردن بحسم وحزم أمام الكثير من هذه الانتهاكات وبرفض غير خاضع للنقاش للتهجير، تأتي بعد واقع مختلف لعدد من الدول العربية، تأتي والمنطقة والمرحلة تواجه ملفات دقيقة، وربما شائكة، لتشكّل هذه القمة لكل هذا الواقع المتشابك ومزدحم الأحداث والاضطرابات فرصة أو مجالا للتنسيق والتشاور والبحث العربي، العربي، لواقع عربي أكثر إيجابية.
تتجه الأنظار يوم بعد غد لبغداد، بآمال عربية وكذلك دولية، أن تجمع طاولة القمة العربية قضايا المرحلة، وظروف المنطقة، والإقليم، وأن يستمع الجميع لصوت عربي بموقف جليّ تجاه وقف المجازر في غزة، وضمان إيصال المساعدات دون انقطاع للأهل في غزة، بدعم للصوت الأردني الذي يطالب بذلك، إضافة لموقف واضح وعلني لوقف الاعتداءات في الضفة الغربية المحتلة، والمخيمات الفلسطينية، ومنع إسرائيل من تنفيذ مخططاتها الرامية لفرض سيادتها على كافة الأراضي الفلسطينية وتذكيرها بأنها دولة احتلال وعليها عدم الاستمرار بخرقها الفاضح للقانون الدولي، ناهيك عن سياسات الاحتلال الرامية لتهجير الفلسطينيين، إضافة لقضايا عربية أخرى ما زالت عالقة كملف السودان وكذلك اليمن وليبيا وغيرها من الملفات التي ما زالت تنتظر حلولا حاسمة على مستوى عربي، فالعيون ترقب بغداد وقد كبر الأمل بأن بعد 17 الجاري سيشهد العالم العربي رؤية عربية هامة.
القمة مهمة للعراق، بشكل مباشر، علاوة على أهميتها للمرحلة والمنطقة التي تواجه تحديات كثيرة، وتداعيات خطيرة، تحتاج حقيقة وقفة عربية واحدة، وحتما بحضور عربي على مستوى القادة، ستكون طاولة قمة بغداد الفرصة العملية لمرحلة مختلفة، وحتما ستعالج قمة بغداد ملفات أخرى غير السياسية، فحتما ستحضر الملفات الاقتصادية وتعزيز التعاون العربي، العربي بهذا الشأن، وتمتين الاستثمارات العربية العربية، حتما ستكون بغداد حاضنة لقمة تعقد في زمن قاسٍ، لتخرج بقرارات ذات جدوى عملية، تُسعف المنطقة من الظروف والتحديات المصيرية التي تمر بها.
يتفق محللون وقارئون لدلالات القمة، أنها ناجحة، في سعي عربي عراقي لتكون قمة مختلفة النتائج تبتعد عن أي مساحات ضبابية كون المرحلة وظروفها لا تحتمل ذلك، فواقع الحال يحتاج حسما عربيا، للصالح العربي.