النسخة الكاملة

تيسلا تفقد بريقها

الثلاثاء-2025-04-08 09:44 am
جفرا نيوز -
إسماعيل الشريف

«عندما يحين أجلي سأكون فقيرًا»   إيلون ماسك.

حين بدأت حملة الإبادة الجماعية في غزة، غرّدت نقابة عمال «ستاربكس» معلنة تأييدها لفلسطين، فما كان من الشركة إلا أن رفعت ضدهم دعوى قضائية. وليتها لم تفعل؛ إذ أدّى ذلك إلى اندلاع موجات شعبية واسعة لمقاطعة الشركة، خاصة في العالم العربي.

تذكّر الناس حينها أن مؤسس «ستاربكس»، هوارد شولتز، لطالما تفاخر بدعمه للكيان الصهيوني، وتلقى تكريمًا من مؤسسات صهيونية، رغم محاولات المدير التنفيذي الحالي إنكار أي علاقة أو دعم للكيان. لكن الفأس كان قد وقع في الرأس؛ إذ خسرت الشركة 11 مليار دولار من قيمتها السوقية بسبب المقاطعة، وذلك قبل صدور قرار الرئيس ترامب بفرض تعريفات جمركية، مما أدى إلى خسائر كبيرة في البورصات الأميركية، وسط تراجع ملحوظ في المبيعات والأرباح.

اليوم، تواجه شركة «تيسلا» لصناعة السيارات موقفًا أشد خطورة مما واجهته «ستاربكس»   ليس بسبب حرب غزة، بل بسبب رئيسها التنفيذي، إيلون ماسك.

السيارة التي طالما أبهرت العالم، «تيسلا»، بدأت فجأة في الانهيار؛ إذ تشهد مبيعاتها تراجعًا حادًا وغير مسبوق. فعلى سبيل المثال، انخفضت مبيعاتها في ألمانيا خلال شهر واحد بنسبة 76%، وفقًا لما ذكرته مجلة فوربس. وتشير الدراسات إلى أن 94% من الألمان لا ينوون شراء سيارة من «تيسلا».

في الوقت ذاته، تراجعت قيمة أسهم الشركة بنحو 100 مليار دولار، أي بما يزيد عن 50% مقارنة بشهر ديسمبر الماضي.
ويُعزى هذا الانهيار الكبير إلى إيلون ماسك نفسه، الذي انشغل بالتغريد والسياسة على حساب إدارة الشركة. فقد بات يقود ما يُعرف بـ»وزارة الكفاءة الحكومية»، التي تسعى إلى طرد الموظفين الفيدراليين، كما يُظهر دعمًا متزايدًا لشخصيات يمينية متطرفة حول العالم، من بينها حزب «البديل من أجل ألمانيا» ذي التوجهات الفاشية.

وقد ظهر ماسك في أكثر من مناسبة وهو يؤدي التحية الفاشية، ما أثار موجات استياء وسخط عالمي واسع.

وتكاثرت عليه سهام النقد من كل حدب وصوب؛ فهو يتحدث عن إفلاس الحكومة، بينما بُني معظم ثروته على عقود ومساعدات حكومية. ويحارب الهجرة غير الشرعية، رغم أنه كان مهاجرًا غير شرعي في بداياته. كما يسعى إلى إضعاف النقابات العمالية لحماية مصالحه، ويذرف الدموع على حال الاقتصاد الأميركي، بينما يروّج لتقنيات الذكاء الاصطناعي التي يُتوقَّع أن تتسبب في فقدان ملايين الوظائف.

كل ذلك، في الوقت الذي يسعى فيه إلى توجيه أموال دافعي الضرائب لتمويل حملته الحالمة لاستيطان كوكب المريخ.
وبينما ينشغل ماسك بالسياسة، تلقّت «تيسلا» ضربة قاسية أخرى؛ إذ فشلت بطاريتها الجديدة 4680، التي استُثمرت فيها مليارات الدولارات، في منافسة البطاريات الصينية الأرخص سعرًا والأعلى كفاءة. كما لم تحقق مركبته الجديدة «سايبر ترك» النجاح المنشود، وفشل نظام القيادة الذاتية في الوفاء بالوعود التي روّج لها، ما زاد من الشكوك حول مستقبل الشركة.

تساءل ماسك: «لماذا يكرهني الناس؟»، فجاءه الدعم من الرئيس دونالد ترامب، الذي حاول مساعدته عبر الظهور في مقطع مصوَّر يقول فيه إنه سيشتري سيارة «تيسلا» وينصح الآخرين باقتنائها، في محاولة لتحسين صورته المتدهورة.

لكن ذلك لم يُجْدِ نفعًا، بل زاد الطين بلة، وسكب الملح على الجرح كما قال ذات يوم الرئيس الليبي معمر القذافي من على منصة الأمم المتحدة.

فقد تحوّلت «تيسلا» إلى رمز سياسي، واحتُسبت على معسكر اليمين؛ فارتفعت مبيعاتها في المناطق المؤيدة لترامب، فيما انطلقت حملات تخريب وحرق لها وخلع شعارها في المناطق المناوئة لترامب، والذي وُصف تصميمه الذي يشبه الصليب المعقوف بأنه رمز للفاشية.

وتراجعت مبيعاتها بشدة بين الليبراليين، الذين اعتادوا الوقوف ضد كل ما يؤيده ترامب، خاصة في قضايا البيئة. وكنتيجة لذلك، استبدل كثيرون منهم سيارات «تيسلا» بعلامات تجارية أخرى، أما من لم يتمكن من ذلك، فاستبدل شعار «تيسلا» على مركبته بشعار شركة أخرى.

وتكتب صحيفة نيويورك تايمز أن الناس باتوا يبتعدون عن شراء سيارات «تيسلا»، ليس فقط بسبب ارتفاع أسعارها، بل لأنهم لا يريدون أن يُنظر إليهم كأنهم من أتباع ماسك أو من مؤيدي ترامب.

قالت العرب قديمًا: «لا يجتمع المال والسلطان إلا أفسد أحدهما الآخر» وهذا بالضبط ما يحدث مع إيلون ماسك اليوم.
وتذكّر، يا عزيزي، أن المقاطعة توجِع، وتؤثّر، وقد تُغيِّر.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير