جفرا نيوز -
زهير الشرمان
هل يمكن لبلد مزقته الصراعات أن يتحول إلى نموذج عالمي للنهضة؟
عندما يشعر الجميع بأنهم جزء لا يتجزأ من دائرة الأمان الوطني، التي تشمل جميع أفراد المجتمع دون تمييز أو إقصاء أو تهميش، وحين تكون الكفاءة والنزاهة والإخلاص في خدمة الوطن هي المعايير الوحيدة لتولي المناصب، بعيدا عن أي اعتبارات أخرى، فإن الانتماء الحقيقي والثقافة الراسخة يصبحان القوة المحركة لنهضة الوطن وتقدمه. فهذه القوة لا تستمد من وفرة الموارد أو حجم الدولة فقط، بل من روح التضامن والشعور العميق بالمسؤولية المشتركة التي تجمع أبناءها.
الوطن الذي يؤسس بنيانه على الشفافية والعدالة والحزم والمساءلة، ويطبق القانون على الجميع دون استثناء أو محاباة، يرسخ بيئة من الثقة والصمود والالتزام. هذه المبادئ تخلق مناخا محفزا للابتكار والإبداع، حيث تنطلق الطاقات لتحقيق الأهداف الوطنية وتعزيز مكانة الدولة بين الأمم.
وعندما يشعر الجميع بالأمان والانتماء الحقيقي، تتحول تلك المشاعر إلى دافع قوي لبناء مستقبل مشرق مملوء بالفرص الواعدة والإنجازات العظيمة، مما يرفع من شأن الوطن ويعزز حضوره على الساحة العالمية، ليكون قدوة في التقدم والازدهار.
رواندا تعد واحدة من أبرز قصص النجاح في إفريقيا والعالم، حيث نجحت في التحول من بلد مدمر بسبب الإبادة الجماعية عام 1994 إلى نموذج يُحتذى به في الوحدة الوطنية والتنمية الاقتصادية. فقد ركزت على بناء وطن موحد يقوم على الشفافية والمساءلة، وعملت الحكومة الرواندية على تحسين التعليم والخدمات الصحية، مع تطبيق سياسات تضمن تمثيل جميع الفئات المجتمعية في مراكز صنع القرار، مما عزز السلام والتنمية المستدامة.
اليوم، رواندا مثال حي على أن الإرادة الوطنية والعمل المشترك يمكنهما تحويل الأزمات إلى فرص لتحقيق التقدم والنهضة.
بالتالي، بناء الإنسان هو الأساس الذي من خلاله يمكننا إعلاء البنيان، وتقليص الخذلان، ومواجهة العدوان، ورفع شأن الأوطان.