جفرا نيوز -
ماذا يتوقع البعض من الملك عند جلوسه مع ترامب داخل البيت الأبيض وأمام عدسات ومايكروفونات الصحفيين الذين تفاجؤوا أنفسهم بدخولهم إلى مكان الاجتماع !!
ترامب النرجسي كان يرغب أن (يقّوِلَ) الملك كلاماً هو يدري أن الملك لن يقوله أبداً .. فأراد إحراجه ومفاجأته بدعوة الصحفيين ليسمعوا منه اي ترامب كلاماً يحرج به الملك فكأنما ما سيقوله في حضور الملك سيبدو موافقةً لمواقفه وأطروحاته الغبية !!
ترامب يعلم أنه أرعن ووقح .. والملك يعرف ذلك .. والعالم كله يعرف ذلك، وعلى هذا الاساس تصرف الملك..
الرئيس الأمريكي الذي يرأس أكبر وأقوى دولة في العالم لا يراعي أحد .. ولا يرى أحد .. طلب في أول أيام حكمه ضم دولة كندا التي تفوق مساحتها مساحة أميركا ويزيد ناتجها المحلي الاجمالي عن ٢ تريليون دولار سنوباً.. والأهم من كل ذلك أنها تتبع في نظام الحكم فيها المملكة المتحدة والتاج البريطاني من خلال الملك تشارلز الذي تتبع له الحاكم العام لكندا ماري سيمون ..!! ومع ذلك لم تضج الشعب الكندي ولا البريطاني معاتبين تشارلز على صمته مثلاً على اقتراح ترامب ضم كندا إلى أمريكا !!!
ترامب يريد ضم غرينلاند إلى الولايات المتحدة .. غرينلاند التي تتبع الدنمارك التي تأسست في القرن الثامن اي قبل تأسيس امريكا بعشرة قرون والتي تحكم غرينلاند منذ ستمائة عام !! ومع ذلك اتبع الدينيماركيون مبدأ الحكمة والهدوء في تعاطيهم مع هذا الموضوع .. وداروا سفاهة ترامب
فترامب يريد… ونتانياهو يريد .. والله يفعل ما يريد
ماذا كان يتوقع بعض الناس في الأردن والخارج من جهابذة السياسة وردات الفعل من الملك وهو يجلس مع إنسانٍ متغطرس لا يستطيع أعتى الخبراء السياسيين وعلماء النفس أن يتوقعوا ردات فعله او تصرفاته ..
نحن نتوق دوماً لمشهد البطولة لأننا نعيش انكسارات متتاليةٍ منذ ثمانين عاماً… فالبعض كان يريد من الملك أن يقول بصريح العبارة لترامب خلال لقائهما.. "لن نوافق على التهجير ولن نعطي أرضاً لشعب غزة في الأردن ولتشرب المحيط الأطلسي يا ترامب !!!" ليقوم ترامب بعدها باتخاذ أي قرارٍ فوري اقتصاديٍ أو غير اقتصادي كتسفير الطلاب الأردنيين الذين يدرسون في امريكا مثلاً ، أو يقوم في نفس الجلسة وهو الأرعن المندفع بعمل أي موقفٍ او تصرفٍ يحرج به الملك وولي العهد او إتخاذ اي قرارٍ لا يعلم نتائجه وتبعاته إلا الله ..
أهذا ما كنتم تتوقعونه !! أو ترغبونه !!
الملك، وعدا عن إمتعاضه وغضبه الذين لما يخفيا على أحد خلال اللقاء .. كان صامتاً في معظم الوقت، وحين تكلم (حيث كان ترامب يحرجه بطلب الاجابة على سؤال صحفيٍ او صحفية موجهة لترامب نفسه) كان الملك متزناً ومدارياً لمضيفه السفيه، وأوصل رسالةً واحدة لترامب والعالم .. وهي أن الرد على أي مقترحٍ منه سيكون عربياً موحداً .. وانه سيراعي مصالح شعبه أولاً، وفي المقابل أيضا، لم ينتظر الملك ان تصدر الحكومة الأردنية او الخارجية او الديوان الملكي بياناً بعد اللقاء، بل قام عقب انتهاء لقائه بترامب مباشرةً بنشر تغريدات متتابعة على حسابه الشخصي بؤكد فيها بأنه يؤكد على موقف الأردن الثابت برفض التهجير .. وعليه، وهنا الأهم أن ترامب لم يستطع طوال اللقاء او بعده لا هو ولا البيت الابيض ولا الخارجية الأمريكية ان يصدروا بياناً او تصريحاً بأن الملك وافق على التهجير، بل على العكس صدرت الصحف العالمية الأمريكية والبريطانية والأوروبية بمانشيتات تشير إلى رفض الملك والأردن لفكرة التهجير …
الأمور بخواتيمها … وترامب سينزل عن الشجرة التي صعد عليها هو وادارته وصار لا يعرف كيف سينزل عنها، وصار يضرب هنا وهناك حتى عادى العالم كله باستثناء اسرا.ئيل …
قلتها من قبل وأقولها اليوم ..
نحن نعيش في القرن الأمريكي … نعيش جميعاً ضمن الإمبراطورية الأمريكية التي تسيطر على العالم من أقصاه إلى أقصاه باستثناء القليل القليل من القوى الكبرى التي ما زال لها صوتٌ يسمع هنا وهناك مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية ومثلاً .. فما بالكم إذا كان على رأس هذه الإمبراطورية كمثل ترامب !!!
الأردن بلد يعيش في وسط إعصار منذ عشرات السنين، محدود في موارده المالية القليلة ومطالبٌ بذات الوقت بدور سياسي كبير .. واليوم لا بد للعرب كل العرب أن يقفوا معه بكل الوسائل والسبل، فقد أكل الثور الأبيض والأسود.. وبات الجميع أمام المقصلة !!
وأما نحن أبناء هذا الوطن … فوحدة الصف ووحدة الكلمة ووحدة النوايا هي سلاحنا الذي علينا ان نرفعه اليوم في وجه كل عدوٍ وحاقدٍ ومتربص داخليٍ كان او خارجي ..
نعم نحن مع الملك … حمى الله الأردن وشعبه وقيادته والهمهم الحكمة والصواب والثبات ..
النسخة الكاملة
