النسخة الكاملة

لكم الله يا شعب الخيام ..

الأحد-2025-01-05 12:29 pm
جفرا نيوز -
فيصل تايه 

أشعر بقشعريرة شديدة وفزع كبير كلما أرى خيام اللاجئين المنكوبين والمكلومين من أهل غزة "ضحايا الحرب المشؤومة" وبداخلها أجساد متكوّمة تحت الصقيع وفوق قذارة البشر ، هذه الخيام البدائية ، رغم صمودها الأسطوري خلال الحرب الصهيونية الشرسة ، غير قادرة على مواجهة قسوة الطبيعة، حيث أغرقتها مياه الأمطار ، اذ ان كثيراً من هذه الخيام بالأصل ليست خياماً بل "مصنوعة يدوياً" من بعض الأقمشة المرقعة والشراشف والبطانيات المهترئة وأكياس النايلون تشكلت فيما بينها لعلها تستر نازحيها ، إلا أنها اليوم انهارت قوى أوتادها وتمزقت أقمشتها فما عادت تستر نازحيها ، حيث تحملت أكثر بكثير مما يجب، ورغم محاولات نازحيها إصلاحها عشرات المرات إلا أنها أصبحت في حالة من المحال أن تقف على أوتادها مجددا ، لتضاعف من معاناة المواطنين الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة مأساتهم الإنسانية .

كما وأشعر بالمرارة والأسى كلما رأيت الحسرة في عيون الغزيين داخل تلك الخيام ، فمعاناتهم الكبيرة تزداد وهم تحت نيران الصواريخ التي تجتث خيامهم وتحرقها ، فالعيش في خيمة في غاية الصعوبة حيث تفتقد بها لأبسط الأشياء خاصة حينما تكون هذه الخيمة متهالكة لاتصلح للعيش بها ومحاصرة بين قصف الطائرات والمدفعية والزوارق الحربية كذلك ، حيث باتت غزة تعيش كارثة إنسانية يفقد بها النازحين حقهم في الحصول على مأوى وإن كان عبارة عن خيمة ، ليصبح الوجع غائرا على أجسادهم ، وتزداد هذه المعاناة مع زخات المطر وقسوة الشتاء والمنخفضات التي تجعل أبدانهم ترتعش بردا وخوفا ، والكثير منهم يجدوا انفسهم كل يوم بلا مأوى ،  لان الحصول على خيمة بديلة فيه الكثير من الأحلام.

بات الأمر غايه في الصعوبة والتعقيد جعل اكثر من مليوني نازح يطلقون نداء استغاثة إنسانية عاجلة، بعد أن أصبحت خيامهم غير صالحة كمأوى ، فاليوم فصل الشتاء يؤرق أجفان النازحين المتعبة في التفكير بتدبر أمورهم خاصة أن "خيامهم المتهالكة" عجزت أن تستكمل صمودها ، فعندما يكون نداء الاستغاثة للحصول على "خيمة" ، هذا يؤكد حجم المعاناة الكبيرة التي يعيشها "النازح الغزي" فهو اليوم يفقد بيته وأفراد من عائلته وأمنه وأمانه ولقمة خبزه ودوائه وما تبقى من خيمته ، والأصعب من ذلك حينما يجد أطفاله غارقين بماء المطر ولا يملك لهم ثيابا بديلة أو حتى اغطية وبطانيات تمنحهم شيئا من الدفء فكل شيء قد تبلل ويحتاج إلى وقت طويل ليجف خاصة حينما يستمر المنخفض الجوي لأيام طويلة.

 انا كغيري ، بت أشعر بالاشمئزاز والانقباض كلما ارى حالة التضييق والخنق والتجويع اليومي على هؤلاء البشر ، وكلما تذكرتُ الهيئات الدولية للاغاثة والجمعيات الدولية الوهميّة التي لا تراعي الأخلاق الإنسانيّة بقدر ما تراعي شهرتها وكسبها المادي عبر اموالها المشحودة من كبريات الدول المانحة دون الانتباه الأمثل لمثل هؤلاء الذين على الأقل يحتاجون اغطية وبطانيات تقيهم قشعريرة موت هذا الشتاء الساخن في مخيلة الطامحين للمكسب من وراء أوجاع البشر ، حيث بات اهل الخيام الغزيين يدارون خيبة حياتهم وأقدارهم التعيسة .

ضاقت بالرغم من شح الامكانات متمنيا أن يرى المتفيقهون من على شاشات التلفزة المختلفة تردي حال مخيمات اللجوء القسرية الغزية ، ويرون كم عليها من ضحايا يستحقون عطفاً حقيقياً وإسعافاً عاجلاً بالدواء والغذاء وقبل ذلك بالدفء العامر في البيوت الباهظة ثمناً في مبناها وصحوة ضمائر من يقبع بداخلها.  

ضاقت وليس لنا الا الدعاء ، فيا رب العرش العظيم إن أهل غزة قد ضاق بهم الحال، واشتد بهم الكرب، وزلزلوا زلزالاً شديداً حتى زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، وبلغ بهم الخوف والجوع مبلغه !! ‏اللهم فرج عنهم، وارحم ضعفهم، واجبر كسرهم، وتولى أمرهم،وانصرهم يا رب العالمين . 
مع تحياتي
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير