النسخة الكاملة

"الوصفيون الجدد" يصدرون بيانا بمناسبة الذكرى ٥٣ لاستشهاد الشهيد وصفي التل

الخميس-2024-11-28 01:13 pm
جفرا نيوز -
الوصفيون الجدد

في مثل هذا اليوم الذي امتزج فيه دم البطولة بتراب العزة، نقف نحن "الوصفيون الجدد"، وقفة وفاءٍ واعتزاز، نستذكر قائدًا لم يكن مجرّد رجل دولة، بل كان رمزًا وطنيًا أحبّ الأردن فأحبّه الأردنيون، وعاش لوطنه وأمته، فأصبح مثالًا حيًا لمعاني الانتماء والوفاء.

لقد كان وصفي التل الرجل الذي جعل الوطن قضيته الأولى، فكان يرى في كل أردني مشروع بناءٍ وعزٍ، وفي كل ذرة من تراب هذا الوطن أمانة تستحق الدفاع عنها حتى آخر رمق.

لم يكن وصفي قائدًا سياسيًا فحسب، بل كان أبًا ومعلّمًا، عرف كيف يصنع جسورًا من الثقة والمحبة بينه وبين أبناء شعبه، الذين بادلوه الحب والإخلاص.

كان الأردنيون يرونه صورةً عنهم؛ بسيطًا، قريبًا، صادقًا، يجوب الحقول والبيوت، يحمل همومهم كأنها همومه، ويسعى إلى تحقيق أحلامهم كأنها أحلامه.

لقد كان وصفي التل قائدًا يؤمن أن بناء الوطن لا يبدأ من حجارة الجدران، بل من قلوب البشر، فعمل على بناء الإنسان الأردني في كل المجالات.

في ميادين الثقافة، أطلق مشاريع لإحياء الهوية الثقافية الوطنية، مؤمنًا أن الثقافة هي الحصن الذي يحمي الأمم من الذوبان. في الاقتصاد، كان يسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، مؤكدًا أن الوطن الذي يعتمد على غيره لا يستطيع أن يصون استقلاله.

وفي مجال الحريات، كان يرى أن الحرية مسؤولية قبل أن تكون حقًا، وأن الإنسان الحر هو أساس الدولة القوية.

آمن وصفي أن الأرض التي لا تُزرع تُباع، وأن المؤسسات التي لا تُصان تُهدم، وأن السيادة تبدأ من الحفاظ على كل ذرة من تراب الوطن.

لذلك، كان لا يساوم على أي جزء من أرض الأردن، لأنها كانت بالنسبة له رمز الكرامة والسيادة، ونواة بناء الدولة التي حلم بها.

في المجال السياسي، كان وصفي التل فارسًا لا ينحني، ومقاتلًا لا يساوم، رفض أن تكون السياسة مجرد فنٍ للمناورة، بل جعلها أداة لتحقيق العدالة وحماية الوطن والإنسان، لم يكن يخشى العدو، ولا يخاف المؤامرات، بل كان يرى في المواجهة الشجاعة سبيلًا لردع الطغيان.
لقد آمن أن فلسطين ليست قضية شعب واحد، بل قضية أمة بأكملها، فحمل همّها في قلبه، وجعلها بوصلته التي توجه مسيرته.

لقد أدرك العدو خطورة وصفي التل، لأنه لم يكن قائدًا عاديًا، بل كان رجلًا يحمل رؤية وإرادة، يعمل بصدق ويواجه بثبات، خشي الاحتلال من فكره قبل قوته، ومن مبادئه قبل مواقفه، لأنه كان يدرك أن تحرير فلسطين يبدأ بتحرير الإرادة، وأن وحدة الصف العربي هي السلاح الأقوى في معركة التحرير.

إننا، ونحن نستذكر إرث هذا القائد العظيم، نجد في حب الأردنيين له دليلًا حيًا على مكانته في قلوبهم، ولم يكن وصفي التل قائدًا بعيدًا عن شعبه، بل كان واحدًا منهم، يجالسهم في الحقول، ويشاركهم همومهم، ويناديهم باسمهم.

واليوم، وبعد عقود على استشهاده، لا تزال صورته محفورة في قلوب الأردنيين، يستلهمون منها الصمود والعمل، ويجدون في ذكراه دافعًا للمضي قدمًا نحو مستقبل أفضل.

إننا نحن "الوصفيون الجدد"، على نهج وفكر الشهيد وصفي التل، نؤكد أننا على دربه حتى آخر العمر، نحمل رايته التي رفعها عالية، ونسير على خطاه التي رسمها بعزيمته ودمائه، نعاهد الله والوطن أن نبقى أوفياء لفكره، متمسكين بمبادئه ومشروعه التي جعلت من الأردن نموذجًا للعزة والكرامة.

وفي هذه الذكرى، نوجه رسالة لكل أبناء الأردن: لن يبنى الوطن بالشعارات، بل بالعمل، ولن تُحفظ كرامته بالتراخي، بل بالتضحيات، إن كل ذرة من تراب هذا الوطن هي مسؤولية في أعناقنا، وكل إنسان أردني هو لبنة في بناء هذا الوطن الذي حلم به وصفي التل.

رحم الله الشهيد وصفي التل، الذي عاش فارسًا واستشهد بطلًا، وجعل من حياته رسالة، ومن استشهاده وصية.
ستبقى ذكراه خالدة في وجداننا، وستظل رايته مرفوعة في سماء الأردن، ما بقيت الأرض تنبت عطاءً، وما بقي للحق رجال يحمونه.


© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير