جفرا نيوز -
أقام المُحاضرة المؤرخ عمر العرموطي/ مُعِد ومؤلف موسوعة عمَّان أيام زمان في مُنتدى مُلتقى الحضارات محاضرة عن عمان أيام زمان والتي تناولت تطور الحياة في العاصمة عمان، وقال أن عمَّان أجمل عاصمة في الدنيا ... سيدة الجميلات وسيدة العواصم، عمان مدينة التاريخ والحضارة، ربَّة عمون، فيلادلفيا، مدينة الحب الأخوي، المدينة الحجرية التي بنيت من الحجارة، وهي مدينة الجبال السبعة / من جبل القلعة إلى جبل الجوفة إلى جبل التاج إلى جبل الأشرفية إلى جبل نزال العرموطي وجبل النظيف وجبل عمَّان، وهي عرين الهاشميين، ومدينة الأمن والأمان... وعاصمة المهاجرين والأنصار.
واضاف، عندما تأسّست بلدية عمَّان عام 1909م برئاسة المرحوم "إسماعيل بابوق" من إخواننا الشركس كانت مساحة عمَّان آنذاك ما بين 2 إلى 3 كيلو متر مربع على ضفاف سيل عمَّان / أي (تقريباً) من عند مباني أمانة عمَّان الجديدة في منطقة راس العين إلى عند مبنى أمانة العاصمة القديم عند المدرج الروماني والذي أصبح الآن مديرية المكتبات بالأمانة ومكتبة أمانة العاصمة... بينما مساحة أمانة عمَّان الكُبرى الآن حوالي 800 كيلو متر مُربع... وكان عدد سكان عمَّان آنذاك حوالي 2000 نسمة بينما يبلغ عدد
سكان عمَّان الآن حوالي 4 ملايين نسمة... قفزة كبيرة مُذهلة – وين كُنّا ووين صُرنا؟.
واشار إنَّ موسوعةَ عمَّان أيّام زمان إنجازٌ أردنيٌّ وعربيٌ غير مسبوق، وهي تُعتبر الأضخم في الحديث عن عاصمة عربية وقد تكون الأضخم عالمياً... وتتكون من – إثنى عشرَ جزءاً – وعدد صفحاتها حوالي – عشرة آلاف صفحة – وقد استغرق العمل بها (خمسة عشر عاماً).
وأصبحت موسوعة عمَّان أيّام زمان - بحسب المؤرخ العرموطي - مرجعية لا مناص عنها للباحثين والمؤرخين والمهتمين بتاريخ عمَّان؛ لأنها تحتوي على معلوماتٍ، وتفاصيل شاملة في مختلف المجالات عن العاصمة عمَّان... فهي سيرة مدينة تحتوي على كم ضخم من المعلومات والقَصص الشعبي والحكايا العمَّانية التي قد لا نجدها في الكتب والمراجع المختلفة، وقد حصلتُ على عدد كبير من الروايات التي جمعتها من صُدور كبار السِن الذين شاركوا بالأحداث الهامة بالعاصمة عمَّان أو كانوا شُهوداً عليها أو سمعوها من آبائهم، التي لولا تدوينها لذهبت أدراج الرياح بعد موت أصحابها.
وكشف أنه تم تخطيط العاصمة عمَّان بأسلوب المدينة الإسلامية... وذلك بأن يكون مركز المدينة المسجد الجامع وأمامه ساحة السوق، وقريباً منه دار الإمارة وحوله الأحياء السكينة... وإن ذلك يتطابق مع تخطيط عمَّان... فمركز المدينة هو الجامع الحسيني الكبير، وأمامه ساحة السوق والأسواق التجارية، وقريباً منه على بُعد مئات الأمتار كانت دار الأمارة أي مكان إقامة الملك المؤسِّس (في البداية عند المدرّج الروماني)... وحولها الأحياء السكنية... ونحن نرى تخطيط المدينة الإسلامية المُشار إليه أيضاً في العواصم الإسلامية مثل بغداد والقاهرة ودمشق ومدن المغرب العربي... وغيرها.
إن عمَّان التي أتخذها العمونيون عاصمة لهم في جبل القلعة عام 1200م ق.م وبعد ذلك في سنة 313 ق.م إستولى عليها بطليموس الثالث زعيم البطالسة حيث استبدل اسمها إلى فيلادلفيا – مدينة الحب الخوي – ثم فتحها العرب المسلمون (سنة 14 هـ) بقيادة يزيد بن أبي سفيان ثم مرحلة صدر الإسلام ثم مرحلة الحكم الأموي ثم العباسي ثم العثماني ثم الدولة الأردنية الهاشمية الحديثة التي ابتدأت عام 1921م حتى الآن.
وشدد مؤلف موسوعة عمان أيام زمان، إن عمَّان كانت مدينة عامرة مأهولة بالسكان وفي عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان أنشا بها دار لسك النقود وهذا يدل على أهميتها... لكن في القرون الأخيرة ضربت عمَّان الهُزات الأرضية وأصابها وباء الطاعون والكوارث الطبيعية، ونتيجة لذلك أصبحت عمَّان مدينة خاوية من السكان تقريباً بسبب الزلازل والكوارث الطبيعية باستثناء عشائر بلقاوية عمَّان الذين كانوا يحيطون بعمَّان إحاطة السوار بالمعصم ويردون يومياً على سيل عمَّان من أجل إرواء إبلهم وماشيتهم... حتى مجيء الإخوان الشراكسة فكان الفوج الشركسي الأول عام 1878م عندما استوطن الشراكسة في البداية في المدرج الروماني وفي أسفل جبل القلعة – حي الشابسوغ -... علماً بأن السبب الرئيسي لاستيطان الشراكسة بعمَّان هو الماء أي سيل عمَّان وكان سيل عمَّان سبباً رئيسياً في اتخاذ عمَّان عاصمة للدولة الأردنية الهاشمية الحديثة علماً بأن معظم عواصم العالم القديم قد بنيت بجانب الأنهار وعمَّان لم تشُذ عن هذه القاعدة فقد بنيت بجانب سيل عمَّان الهادر الذي كان أشبه بنهر وكان يُعرف بـ نهر عمَّان.
وعن رحلة تأليف الموسوعة قال المؤرخ عمر العرموطي خلال المحاضرة، من أهم العوامل التي ساعدتني على إنجاز هذه الموسوعة الضخمة هو حُبّي وعشقي لعاصمتنا الجميلة عمَّان وأهالي عمَّان، فالعمَّانيون يمتازون بالّلطافة والدماثة، ويمتازون بالنخوة والكرم، وكذلك الحال فيما يتعلق بعشائر عمَّان الذين يحيطون بعمَّان إحاطة السوار بالمِعصم، فهم عشائر محترمة يمتازون بالنِّخوة والكرم واللّطف. ولأنني عمَّاني حتى النَّخاع، ولأنني سمعت وقرأت كثيراً عن تاريخ عمَّان... كان لديّ رغبة أكيدة في تدوين تاريخ العاصمة عمَّان.
ثانياً: الصعوبات والمعوّقات التي واجهتني أثناء الإعداد والتأليف:
من الصعوبات التي واجهتني أن قسمًا كبيرًا من هؤلاء الشخصيات هم من كبار السن والمُعمّرين وبالتالي هم عُرضة للنسيان لذلك قمت بمجهود كبير أثناء التدوين في تذكيرهم بأهم الأحداث وإعادة تصوير المشهد مرة أخرى... فضلًا عن أنّ قسماً منهم كنتُ مُضطراً للعودة إليهم عدّة مرّات حتى نتأكد من صِحّة المادة والمعلومات... والنُقطة الأخرى الهامة هي أن عملًا موسوعيًّا بهذه الضخامة يحتاج إلى فريق ويحتاج إلى صبر كبير استغرق أربعة عشر عاماً، وأعتقد أن هذا الصّبر الطويل قد لا يتحمله الكثير من الناس.
ثالثاً: الأسلوب الذي اتبعتُه بالكتابة:
أهم نقطة في الأسلوب الذي اتبعتُه بالكتابة هو الأسلوب السهل الممتنع بحيث إذا قرأ المادة شخصًا في المرحلة الإبتدائية من المدرسة أو الجامعة يستطيع أن يفهم الكلام بسرعة، علماً بأن هذا الأسلوب هو الأسلوب المتبع في الموسوعات، وحرصت بأن نبتعد عن الكلمات الصعبة المعقدة والعبارات الفخمة وأن نستبدلها بالكلمات والعبارات السهلة، وكنت في حركة دائمة ومكّوكية باتجاه كبار السن والمُعمّرين ونحو أحياء عمَّان وأهم الفعاليات المؤثرة في العاصمة... فكان العمل بالدرجة الأولى ميدانيًّا... كما كنت حريصاً على إِشباع الموسوعة بالصور والوثائق.
رابعاً: الدرس الذي تعلمته من خلال إعداد وتأليف هذه الموسوعة:
أهم درس تعلمته، هو أنه في العالم الآن لا يوجد شيء يمكن أن يكون مستحيلاً شرط أن يتوفر لدى الشخص حبه للعمل الذي يقوم به، والتخطيط طويل المدى والصبر، والإرادة، فالإرادة العجيبة تجعل من المستحيل أمراً ممكناً..... وتعلمت شيئًا في غاية الأهمية وهو أن لا يَصعد الإنسان السِلّم بقفزة واحدة بل أن يصعد تدريجياً وعلى نفس طويل وليس بقفزة واحدة.
خامساً: صدى الموسوعة والصدى الإعلامي:
لقد كان صدى الموسوعةِ كبيراً جداً وحقّقت نجاحًا رائعًا، أدخل السرور والإعجاب على نفوس الأشخاص والفعاليات الذين تشرفت بمقابلتهم بحيث أصبحت الموسوعة على لسان الجميع في عمَّان، وعشائر عمَّان وفي مختلف أنحاء الوطن الجميل، بل تعدّت سُمعة الموسوعة الأردن حيث وصلت إلى عدد من الدول الصديقة في العالم بعد أن شارك عدد من السُّفراء بهذه الموسوعة... كما تحدثتْ عن الموسوعة أجهزة الإعلام المختلفة من محطات فضائية وإذاعية ومواقع إلكترونية وصحافة، وقد تم تنظيم حفلات إشهار كثيرة احتفالاً بهذه الموسوعة وأصبحت على لسان الجميع، حتى أنّ محطاتٍ إعلاميةً عربيةً مشهورةً مثل صوت العرب من القاهرة سلّطت الأضواء على هذه الموسوعة الضخمة التي تُعتبر الآن إنجازاً أردنياً وعربياً غير مسبوق.