جفرا نيوز -
لما جمال العبسه
أُعلن أمس عن انتهاء الاعمال الانشائية لبنك البذور والوطني وتم تحديد 44 موقعا مخصصة للحصاد المائي، هذا البنك كما نعلم يأتي في اطار رؤية التحديث الاقتصادي والتي اعطت القطاع الزراعي والمائي حيزا مهما نظرا لما لهما من اثارا على الاقتصاد الوطني، حيث كان الهم الأول توفير اهم مُدخل للانتاج الزراعي وهو الماء، ومن ثم توفير البذور والغرسات ذات الجودة العالية للنهوض بالقطاع الزراعي المحلي وجعل منتجاته منافسة سواء في جانب التنوع او الجودة.
جميعنا يعلم ما يواجهه القطاع الزراعي من صعوبات بسبب تقلبات المناخ القاسية، والتي ادت الى انخفاض معدلات الهطول المطري في محافظات مختلفة، وبعض تلك الصعوبات ناجمة عن نقص التمويل، وفي جانب اخر هناك مشكلة في سلسلة وصول المنتجات الزراعية من المزارع وحتى المستهلك النهائي، عدا عن فقداننا لجودة التعبئة لتلك المنتجات المعدة للتصدير وبالتالي نفقد بعض الميزات التنافسية في الاسواق الخارجية، عدا عن ذلك حاجة القطاع للبذور ذات الجودة العالية.
فإذا ما نظرنا الى الهدف الاول من البنك والمتمثل في الحصاد المائي ورفع سويته، فاننا بذلك نسير في الاتجاه الصحيح، خاصة وان الاردن يعد افقر الدول مائيا، كما اننا نفقد الكثير من مياه الامطار سنويا لسوء ما يعرف بالحصاد المائي وبالتالي المتأثر المباشر في القطاعات الاقتصادية هو القطاع الزراعي، اي اننا اذا استطعنا تحقيق الهدف من رفع سوية الحصاد المائي فاننا قطعنا شوطا لا يستهان به نحو تحقيق الهدف المرجو في هذا القطاع.
أما فيما يتعلق بالمدخل الانتاجي الثاني وهو البذور، والتي عادة ما يشكو المزارعون من عدم توفرها او ارتفاع اسعارها او قلة جودتها واحيانا الاسباب جميعها، فانه من المتوقع ان يوفر هذا التوجه بذورا ذات جودة عالية تنعكس على المنتج الزراعي المستهدف، علما بان تنوع جغرافية المملكة واجوائها المناخية تسمح بتنوع كبير في الانتاج الزراعي وهو امر ممكن استغلاله بطريقة ترفع من سوية هذا القطاع وتعزز من قدرته للعب دور اكبر في الاقتصاد الوطني.
اما الظروف الاخرى، والمتمثلة في توفير التمويل اللازم للمزارعين، فهذا امر غاية في الاهمية ويجب النظر اليه باهتمام كبير من حيث تخصيص تمويل مناسب او توفير قروض للمزارعين بفوائد منخفضة جدا، ولا ضير من تقديم العون المالي والتمويلي لهم.
أما التكنولوجيا، فهنا يكمن بيت القصيد، ذلك ان التكنولوجيا تلعب دورا فاعلا في هذا القطاع الهام من حيث توفير الكلف وتخفيف حجم المياه المستخدمة للري ورفع سوية المنتج الزراعي، عدا عن انها تدخل في عملية التصنيع الغذائي للمنتجات الزراعية بما يضمن لها الجودة المنافسة في الاسواق المحلية والخارجية.
القطاع الزراعي متشابك ومتقاطع مع قطاعات حيوية على رأسها التجارة والصناعة، عدا عن دورها في المجتمع المحلي خاصة وانها توظف مجموعة ليست بالقليلة من المواطنين، ولان المرحلة تتطلب نظرة مختلفة واكثر اقترابا من الزراعة في ضوء الارتفاع العالمي لتكاليف فاتورة الغذاء فانه من الضروري اعادة النظر في النمط الزراعي، وادخال تقنيات حديثة، واعتماد الزراعة وفق عقود التصدير والبيع المبكر، وزيادة كفاءة الاقراض الزراعي لجهة التوسع في الاقراض وتخفيض تكاليف الاموال على القطاع الزراعي، وتقديم حوافز للمصدرين لزيادة القيمة المضافة للزراعة في الاقتصاد والمجتمع المحلي.
كل ما سبق سيسهل حتما من تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي في جانب القطاع الزراعي.