النسخة الكاملة

رحيل حسن نصر الله

الإثنين-2024-09-30 10:16 am
جفرا نيوز -
حمادة فراعنة

على نفس الطريق الذي رحل بسببه وسلكه الشهداء: ياسر عرفات، أحمد ياسين، أبو علي مصطفى، فتحي الشقاقي، وإسماعيل هنية، والعشرات من رفاقهم وأمثالهم من قيادات فصائل المقاومة، ومن قبله قضى بعد عملية اغتيال مماثلة عباس الموسوي أمين عام حزب الله، الذي قضى على أثر عملية اغتيال يوم 16 شباط فبراير 1992، بواسطة قصف طائرات مروحية إسرائيلية، تربصت لموكبه على طريق عودته إلى بيروت من حفل ذكرى رفيقه الشيخ راغب حرب، فأطلقت على سيارته الصواريخ الحرارية الحارقة، فقُتل وزوجته سهام الموسوي وولدهما حسين.

 وخلف عباس الموسوي، الشيخ حسن نصر الله عام 1992 في موقع الأمين العام للحزب، بهدف مواصلة الطريق حتى يوم اغتياله بقصف إسرائيلي عبر صواريخ عابرة للتحصينات يوم الجمعة 27 أيلول سبتمبر 2024، المولود في قرية اليازورية في جنوب لبنان يوم 31/8/1960.

إذن حسن نصر الله لم يكن الأمين الأول الذي فقد حياته ثمن انحيازه ودعمه وتضامنه مع شعب فلسطين، مع شعب غزة، مع المقاومة الفلسطينية، بل سبقه من اختار هذا الطريق، طريق مواجهة المستعمرة والتصدي لها، بصرف النظر عن هويته الوطنية ومن أي بلد كان، ومن سار على هذا الطريق واختار الانحياز لقضية شعب فلسطين لازالة الظلم والاحتلال، دفع حياته مقابل هذا الانحياز الوطني القومي الديني الإنساني في مواجهة مخططات المستعمرة وبرامجها التوسعية الاحتلالية، التي استهدفت فلسطين أولاً ومن بعدها لبنان، وكل أثر وموقع وتراث عربي إسلامي مسيحي، لفرض هيمنة المستعمرة وتسلطها على حقوق العرب والمسلمين والمسيحيين في فلسطين والقدس وبيت لحم والناصرة، لتمتد إلى الجولان السوري وجنوب لبنان، على الطريق الاحلالي المنهجي التدريجي، عسكرياً وسياسياً ونفوذاً لتكون المستعمرة هي القوة المنفردة المهيمنة المسيطرة على أرضنا ومقدساتنا وكرامتنا، وتمنع حقنا في التطور والتقدم والمستقبل المستقر القائم على الحرية والاستقلال لعالمنا ووطننا العربي.

حسن نصر الله، خسارة لحزبه وشعبه، مثلما هو خسارة لفلسطين ومسيرتها ومقاومتها، كرافعة مندمجة في قضيتها، رافعاً شعار وسلوك الدعم والإسناد لشعبها في غزة الصمود والمقاومة التي تعرضت لأقسى ملحمة، مجزرة، مأساة، غير مسبوقة بحجمها وخسائرها ودمار معالمها وجعلها غير صالحة للحياة، والعيش الطبيعي، بعد تدمير بناها التحتية من مدارس وأبنية وشوارع ومساجد وكنائس، حصيلة زلزال صنعته القذائف والصواريخ الثقيلة، بقصد متعمد.

ما فعلته المستعمرة، عبر القصف واستمرار الاغتيالات وتدمير الأحياء وقتل المدنيين في محاولة ثني الشعب اللبناني عن دعمه وإسناده لشعب فلسطين، نقلت اهتماماته التضامنية، إلى فعل المشاركة، حيث بات لبنان مستهدفاً، وجعل شعب لبنان ودفعه وسيدفعه عبر مقاومته، إلى فعل المشاركة العملية الملموسة في مواجهة فعل المستعمرة والتصدي لها.

نجاح المستعمرة باغتيال حسن نصر الله، شكل حلقة إضافية من حلقات القتل للقيادات، في مواجهة من يقف ضدها، وهو خيار سيتواصل ليس بسبب المغامرة وكره الحياة، بل لأن هؤلاء اختاروا أن يكونوا مع شعبهم، نحو ممارسة حق تقرير المصير، وفي رفض الظلم وسلب الحقوق، وهو ما تمثله المستعمرة وتفعله ضد شعب فلسطين العربي، وضد من يقف معه.

طريق الحرية نهاياته مظفرة، مهما واجه سائروه من عقبات وتعقيدات وعرقلة وتضحيات، وخلاصته الانتصار كما حصل مع كل الشعوب التي ناضلت، ونالت حريتها واستقلالها.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير