جفرا نيوز -
محمد خروب
حين جرّد مُجرم الحرب/نتنياهو, حملته العسكرية الرامية تدمير قطاع غزة وإبادة أهاليه وتهجير سكانه, بدعم عسكري واستخباري وسياسي وديلوماسي وإعلامي أميركي مُعلَن, أطلق عليها الاسم الكودي «السيوف الحديدية», فإذا بـ«سيوف» نتنياهو الحديدية وجيشه النازي, تحوّلا بعد عام كامل الى سيوف صدِئة وجيش عجز ومرهق. أجبره صمود الشعب الفلسطيني في القطاع, كما جبهة المساندة في لبنان, على البحث عن «مخرج» لأزمته المتفاقمة, فذهب الى بلاد الأرز, مُطلقا الاسم الكودي على حربه «سِهام الشمال», غير مُتَّعِظ بالهزيمة النكراء التي ألحقتها بجيشه وكيانه العنصري, المقاومة اللبنانية في العام/2006.
وإذ زعمَ نتنياهو بعد ملحمة «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر/2023, ان حربه على قطاع غزة تهدف الى رسم خرائط جديدة و"قيام شرق اوسط جديد», ها هو الآن وقد بدأ حرب إبادة جماعية/ تدميرية/ تهجيرية على لبنان, بِـ«عرضٍ غير مسبوق لآلة الحرب الصهيونية», التي زوّدته بها وما تزال إمبراطورية الشر الأميركية, يقول: اننا نقوم بـ»تغيير موازين القوى في الشمال».
اللافت في كل ما جرى ويجري, خاصة بعد «نجاح» جيش الفاشية الصهيونية, في توجيه ضربتيْن مُوجعتيْن لحزب الله, سواء في ما خصَ مَجزرتيّ الـ«البيجر» والـ«توكي ووكي», أم خصوصا في اغتيال قائد/ ومؤسس «قوة الرضوان» إبراهيم عقيل وهيئة أركانها, استمرار الولايات المتحدة وإصرارها على إبداء العداء لكل ما هو عربي, سواء في فلسطين أو لبنان والعراق وسوريا وليبيا واليمن ودول عربية أخرى, ليس فقط في الزعم بـ«حقّ» إسرائيل بالدفاع عن نفسها, بل خصوصا في «تأكيد إلتزامها» الثابت بأمن «إسرائيل», ضد كل التهديدات المدعومة من «إيران، بما في ذلك حزب الله». وفق بيان صدر امس عن البيت الأبيض.
ثمة تناقض كبير في مواقف إدارة بايدن الآفلة، تناقض يُلامس حدود الكذب, إن لجهة «التبشير» باندلاع حرب «لا» يمكن تفاديها بين إسرائيل وحزب الله, على ما قال مستشار الأمن القومي/جيك سوليفان, قبل بدء الحرب الصهيونية الراهنة على لبنان, أم في الادعاء بأن «خطر التصعيد في لبنان حقيقي» كما جاء في بيان البيت الأبيض أمس, مُضيفاً في نفاق، «ما زلنا نعتقَد أن الحل الدبلوماسي مُمكن»، مُبيناً (البيان): أن الولايات المتحدة «تُحاوِل» العمل من أجل التوصل لحل دبلوماسي. مُعِبراً عن «قلقه» من التصعيد بين دولة العدو وحزب الله، زاعماً أن «من مصلحة الجميع حل الصراع على طول الخط الأزرق بشكل دبلوماسي».
وإذ غاب «الاهتمام» الأميركي بحرب الإبادة والتهجير والتجويع, المتواصلة بلا هوادة في القطاع المنكوب, وإرتكاب الجرائم الوحشية وبخاصة في «مراكز الإيواء» فإن البيت الأبيض ألحق بيانه أمس بعبارة مُفتعلة تفيض كذباً جاء فيها: أن الولايات المتحدة تعمل «على مدار الساعة» من أجل التوصّل لاتفاق لـ«وقف إطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن».
من هنا يبدو المشهد المحتقن الراهن على الجبهة اللبنانية ـ الصهيونية, والمفتوح على اتساعه لاحتمالات شتى, أكثر قتامة مما «قدّر وخطط له» حلف الشر الصهيوأميركي, في ظل أنباء «لبنانية» لم يتم نفيها حتى الآن, تتحدث عن «رسالة مُقتضبة» تلقّاها رئيس مجلس النواب/نبيه بِرّي, ورئيس حكومة تصريف الأعمال/ نجيب ميقاتي, مصدرها الولايات المتحدة، وصلت السبت الماضي تقول: بأن «أبواب الدبلوماسية أُغلِقت, ولم يعد هناك مجال لأي مفاوضات». وفي وقت لاحق ــ أضافت الأخبار اللبنانية ــ تلقّى رئيس الحكومة اتصالات أميركية تُكرّر الفحوى, لناحية القول بأن «واشنطن لم تعُد قادرة على ضبط الإسرائيليين, ولا مجال لفعل أي شيء». وبينما كان العدو يُطلق أوسع عملية جوية منذ 18 عاماً، باشرَ الغرب ـ تابعت الأخبارــ بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا ودول إقليمية، عملية «ضغط كبيرة على لبنان», هدفها «الوحيد» محاولة إقناع حزب الله, بوقف جبهة الإسناد لقطاع غزة، كمدخل لوقف العدوان الصهيوني.
ما يجري الآن على المسار الدبلوماسي «أميركيا وغربيا», بشأن الأوضاع المتسارعة التدهور بين لبنان ودولة العدو الصهيوني, يكاد لا يختلف في لعبة شراء الوقت للفاشية الصهيونية لتحويل لبنان وخصوصا جنوبه الى نموذج «غزّيّ», عبر انتهاج سياسة الأرض المحروقة, وإن كان المطلوب «صهيونيا وأميركيا وغربيا», هو «فكّ» ارتباط جبهة الإسناد اللبنانية بقطاع غزة, بتخلّي حزب الله عن شرطه وقف الحرب الصهيوأميركية على القطاع المنكوب.
وهذا يتبدى بوضوح ليس فقط في زعم الدولة الفاشية أنها ماضية في تحقيقه بالقوة, وإلا بمزيد من القوة, بل خصوصا في ما تروّجه واشنطن من أكاذيب حول أنّها بصدد تقديم «أفكار ملموسة» لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وحزب الله، على ما زعم مسؤول أميركي, مُجدداً زعمه «مُعارضة واشنطن غزوا بريا إسرائيليا يستهدف حزب الله», مُضيفا المسؤول الأميركي «الرفيع» طالبا عدم ذِكر اسمه: «لدينا أفكار ملموسة, سنناقشها مع حلفائنا وشركائنا هذا الأسبوع, لمحاولة إيجاد سبيل للمضي قدما على هذا الصعيد»، على ما نقلت وكالة «فرانس برس». في الوقت عينه الذي نقلت فيه وكالة رويترز, عن ذات المسؤول قوله: إن واشنطن «لا تعتقد أن التصعيد الإسرائيلي لإجبار حزب الله على خفض التوتر, سيُؤدي إلى النتيجة المرغوبة بخفض التصعيد».