النسخة الكاملة

أزمة في التخصصات ام ارضاء للمحسوبيات

الأحد-2024-09-22 10:57 am
جفرا نيوز -
فيصل تايه 

في كل بلدان العالم المتحضّرة تجد المسؤول المناسب في المنصب المناسب ، فمن غير المعقول أن تجد متخصصاً في الصيدلة مثلاً يتم وضعه مسؤولاً في التربية ، إذ للتخصص منافع أكبر من أن تموت حاسة التخصص وإدراك ما ينبغي عليه تحمل المسؤولية من تدبيرٍ متجدد لا يتوقف لدى امتلاك شهادة التخصص وحسب.
 
غير أننا نرى الكثير من هذه المفارقات العجيبة والتي أودت بهذا المفهوم الذي دفع ثمنه غالبية من وُضِعوا في المكان غير المناسب ، وفي مراكز متقدمة بالدولة تصل إلى مرتبة وزير  او امين عام وزارة ، إلا مارحم ربي ممن يمتلكون حِسّاً استثنائياً ، وسرعة بديهة وحُسن إدراك ووعي لأكثر مما تتطلبه تخصصاتهم ومجالات انشغالاتهم في الحياة العمليّة.
 
انا اقول ان الوظائف العامة هي أمانة دينية وأخلاقية ومسؤولية قانونية وأدبية لخدمة الوطن والمواطنين، الأمر الذي جعل الوظيفة العامة حاضنة للإبداع والتميز والكفاءة والتطوير وتعزيز مبدأ العدالة والنزاهة وتكافؤ الفرص وترسيخ مبدأ الثواب والعقاب وسيادة القانون والمحاسبة وفتح سياسة الباب المفتوح لسماع مشاكل وقضايا المجتمع، والعمل على حلها وإزالة العواقب أمامها، وإدراك أن الوظيفة هي خدمة وطنية لرفع سمعة الوطن وتسهيل أمور المواطنين لا خدمة لمصالح الموظف وأهوائه، لقد مرت علينا سنوات مضت كانت الوظيفة العامة عبارة عن وسيلة مقايضة ومساومة ومحاصصة وكسب ولاءات ، الأمر الذي نتج عنه حالة فساد إداري ومالي، وعبث وظيفي وظلم للكفاءات المؤهلة لتبوء تلك الوظائف .

ولهذا نعيش تخبّطاً واضحاً رغم وجود الكفاءات ، ونصحو كل يومٍ على كوارث مختلفة رغم وجود الحلول ، ونندب حظوظنا رغم يقين الأمل بكوادرٍ تعددت أفهامهم ، وتميزت رؤاهم وسعة أفقهم ، وهم الأجدر بوضعهم في المكان الأنسب لتخصصاتهم ، حتى لا نُعيد فشل ذلك المسؤول إلى تقصيره وإهماله فقط ، وإنما يجب أن نواجه أنفسنا بأنه غير جدير بذلك المكان منذ وضعَ فيه ،  وإنما للوساطة والمحسوبية التي اودتنا الى فوضى قرارات ، ومن تخبّطٍ أليم في عشوائية تحديد مسؤوليات الوظائف الادارية وكيفية تركيب الرأس على ما يناسبه من هيكل يضيف إليه ، ويمضي به حيث الطريق السويّ والمأمول منه.
 
والقصة باختصار أننا نحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة للدوائر الحكومية بكافة مسمياتها ، وغربلة الحشو على الكراسي غير الدوارة إلا في بعضها ، فلا ينقصنا إطلاقاً ما تحتاجه المناصب الرسمية العملية من كفاءاتٍ توّاقة للعمل وفق تمكنّها مما ستقوم به ، وعلى الحكومة تجديد المناصب بما يتواءم شكلاً ومضموناً مع تخصصها ، مع وضع الاعتبار للدماء الجديدة الأكثر وعياً وفهماً لمتطلبات المجتمع ، ومواكبة العصر الحديث بما يكفل نُضجاً حقيقياً لمخرجات الإنتاج الوطنيّ بكافة أشكاله ومآربه. 
مع تحياتي
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير