جفرا نيوز -
إسماعيل الشريف
«أحيانًا، أعتقد أن مجلس الأمن هو مجلس الولايات المتحدة. هو في نيويورك، ولديه نفس اللغة، ونفس الأعداء، ونفس الأصدقاء.» - أحمدي نجاد، الرئيس الإيراني الأسبق.
كان الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز معروفًا بخطاباته التهكمية. في خطاب ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2006، بعد كلمة الرئيس الأمريكي جورج بوش، قال شافيز: «بالأمس، وقف الشيطان هنا، تمامًا هنا. وما زالت رائحة الكبريت عالقة في المكان!».
هل تذكرون عندما طلب كريم خان، المدعي العام البريطاني للمحكمة الجنائية الدولية، بإصدار مذكرات اعتقال بحق نتن ياهو ووزير دفاعه جالانت، بالإضافة إلى ثلاثة من قيادات حماس، على رأسهم الشهيد إسماعيل هنية؟ لقد استبشرنا خيرًا، رغم أن هذا الطلب قد ساوى بين الضحية والجلاد. ولكن حتى يومنا هذا، لم تُصدر هذه المذكرات!.
وتتحجج المحكمة بعدم إصدار هذه المذكرات بأنها ما زالت تحقق في تهم ارتكاب الكيان جرائم حرب، وتدرس المبررات القانونية وتزن الأدلة والبراهين.
لم تشفع خبرة كريم خان له في إصدار هذا القرار، رغم كونه خبيرًا في مجاله وذا خبرة واسعة في العمل على قضايا جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية. وقد شغل منصب المستشار الخاص للأمم المتحدة وفريق التحقيق التابع لها في الجرائم التي ارتكبتها داعش.
لقد أثبت «طوفان الأقصى» أن الصهاينة أكثر دموية وإجرامًا من داعش. لم تكفِ دماء أكثر من مئتي ألف شهيد، ثلاثة أرباعهم من الأطفال والنساء، ولا سياسة التجويع، ولا تصريحات الساسة الصهاينة التي تحض على إبادة الشعب الفلسطيني، لاتخاذ المحكمة قرار إصدار مذكرة الاعتقال هذه حتى الآن!.
أجزم أن المحكمة بانتظار الموافقة الأمريكية لإصدار هذه المذكرة. وإذا صدرت، فاعلم أن المحكمة قد حصلت على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة. وأجزم أيضًا بأنها ستكون ورقة ضغط ستمارسها الولايات المتحدة على نتن ياهو!.
تأكد أنه لو كان الأمر يتعلق بمجرمين صغار في إفريقيا أو الوطن العربي أو الدول الضعيفة، لصدرت المذكرة في دقائق. فقد صدرت مذكرات اعتقال ضد عمر البشير، والقذافي ونجله سيف الإسلام، والأوغندي جوزيف كوني، والرواندي سيمون بياغومبي. ولكنها لم تصدر، مثلاً، ضد بوش الابن وفريقه الذين تسببوا في مقتل الملايين في العراق وأفغانستان، أو ضد نتن ياهو الذي فاقت جرائمه جميع جرائم هؤلاء المجرمين مجتمعين.
الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ليسا عضوين في المحكمة الجنائية الدولية، فكيف يمكن أن يكون المجرم جزءًا من منظومة تسعى لتحقيق العدالة؟ لقد استخدموا بريطانيا للاعتراض على قرار المدعي العام، ثم لاحقًا سحبت بريطانيا اعتراضها. بعد ذلك، بدأت الولايات المتحدة بممارسة أقصى درجات الضغط على المحكمة وقضاتها، مثل منعهم من دخول الولايات المتحدة والتأثير على الدول الأعضاء. تاريخيًا، قامت الولايات المتحدة بأعمال مماثلة ضد المحكمة؛ على سبيل المثال، منع ترامب دخول أعضاء المحكمة وفرض حجزا على أصولهم عندما بدأوا بالتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبها بوش في أفغانستان، ونجحت في وقف مسار التحقيقات. ونتن ياهو بالنسبة لهم أهم من بوش!.
أثبت «طوفان الأقصى» أن المنظمات الدولية ليست سوى أداة بيد الولايات المتحدة، تُحقق مصالحها وتعاقب أعداءها.
أيتها المحكمة، أصدري فورًا قرارك الحر باصدار مذكرة اعتقال بحق نتن ياهو وعصابته، أو حلي نفسك!