جفرا نيوز -
إسماعيل الشريف
«أنا لا أؤمن بأن القانون الإنساني ينطبق على الشعوب التي لم تصل إلى مستوى تطورنا الحضاري. العرب يشبهون الكلاب في طريق العربات. ينبغي أن نتعامل معهم بشيء من القسوة.» – تشرشل.
يبكي العالم المجرم وتقوم الدنيا على ستة قتلى من المحتجزين لدى حماس، أحدهم أمريكي، وتقرأ تصريحات الساسة الغربيين فتشعر وكأنهم ينعون أبناءهم من صلبهم.
كان الرئيس الأمريكي أول من نعَى المحتجزين في بيان مؤثر، عبّر فيه عن مدى الحزن والغضب الذي يشعر به لوفاة المحتجز الأمريكي. وأوضح في بيانه أنه يعرف والدي المحتجز ويعبر عن إعجابه بهما، مشيرًا إلى أن مصابهما أكبر من أن تعبّر عنه الكلمات. كما وعد بأن يدفع قادة حماس ثمن ذلك، مضيفًا أن الرئيس عمل «بلا كلل» لإحضار هذا المحتجز «الحبيب» بأمان، وهو حزين لوفاته.
أثبت بايدن على مدى أحد عشر شهرًا أنه، مثل نتن ياهو، لا يكترث بالأسرى. لكنه استغل هذه الحادثة للضغط على نتن ياهو، الذي أرهقه في الأسابيع الماضية في محاولاته للوصول إلى وقف إطلاق النار، بعد أن منحه دعمًا غير محدود وأفشل معه كافة اجتماعات وقف إطلاق النار، بما في ذلك خطته التي أعلنها. لذلك، يتحمل بايدن وزر استمرار المجزرة بقدر ما يتحمله نتن ياهو وعصابته. كيف يدعي بايدن أنه يعمل بلا كلل لإطلاق سراح المحتجزين، بينما كان الشهر الماضي هو الثاني من حيث كميات السلاح التي زُود بها الكيان منذ انطلاقة «طوفان الأقصى»؟.
وتتشابه تصريحات بايدن بشأن حادثة قتل المحتجزين الستة مع تصريحات مرشحة الرئاسة هاريسون، التي يقول مساعدوها أيضًا إنها تعمل بلا كلل لوقف الحرب. وتصف هاريسون حماس بأنها منظمة إرهابية شريرة، وتضيف: «مع هذه الجرائم، أصبح لدى حماس المزيد من الدماء الأمريكية على يديها.».
جميع التصريحات تتفق على أمرين: المأساة المروعة لمقتل المحتجزين الستة وضرورة القضاء على حماس «المجرمة».
أما بالنسبة لمئتي ألف فلسطيني، ومعظمهم من الأطفال، والقصص التي تدمي القلوب، فلم يُدن أحد ما جرى لهم أو يتعاطف معهم، بل عبّروا أحيانًا عن «قلقهم» فقط!.
والسؤال هو: لماذا هذه المعايير المزدوجة في تعاملهم مع قتلى الصهاينة مقارنةً بتعاملهم مع شهدائنا؟.
الجواب، وبلا تردد، لأنهم يروننا «حيوانات بشرية»، كما وصفنا جالانت، وزير دفاع الكيان. يكفي أن تقرأ في أدبياتهم لتجد أنهم يصوروننا كمتخلفين دمويين، غدارين وكذابين، يحتاجون إلى الغرب لإدارتهم بحزم. أو تصريحات ساستهم المعاصرين: يطلق علينا كيسنجر بأننا «الآكلون الذين لا لزوم لهم»، وفي محادثاته السرية حول السياسة الأمريكية وصفنا بأننا متخلفون، غير منظمين، وغير قادرين على إدارة أنفسنا. ويكتب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، دزرائيلي، في روايته «تانكريد» عن العرب والمسلمين بنبرة استعلائية، حيث يصورهم كأشخاص غير متحضرين يحتاجون إلى «التنوير» الأوروبي. ويمنع ترامب دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، وفي أحد لقاءات ريغان وصفنا بأننا «لا نفقه شيئًا في السياسة». كما تحدث ماكرون عن «أزمة الإسلام» في فرنسا، ويسمينا نيكسون بـ»الغدارين». والقائمة تطول، لكنها تجمع على أمر واحد: أننا بالنسبة لهم لسنا بشرًا!.
ما يحزنني ويغضبني حقًا هو أنه نتيجة لمقتل ستة من المحتجزين الصهاينة في غزة، تندلع مظاهرات عارمة وإضرابات من قبل الصهاينة تشل قطاعات عديدة في فلسطين المحتلة، حيث تشارك فيها المعارضة واتحاد العمال. ومع أن معظمهم يؤيدون الإبادة الجارية في غزة، فإنهم يطالبون بتحرير أسراهم في صفقة لتبادل الأسرى مع المقاومة. وغالبًا ما ستنجح تلك الصفقة، وسينصاع نتن ياهو وعصابته لمطالبهم. في المقابل، يفشل نصف مليار عربي ومليارا مسلم واثنتان وعشرون دولة عربية وسبع وخمسون دولة إسلامية في وقف شلال الدم الجاري في غزة!.
تفوق الصهاينة، الذين نُطلق عليهم أحيانًا لقب القطعان أو المستوطنين علينا، لأنهم أحياء، مفعمون بالحياة والإرادة والحرية، بينما نحن، الذين نُطلق على أنفسنا اسم الأمة أو الشعوب، فقد أنهكنا الموت وشُبِعنا منه حتى التخمة.
أي عار!
أي خزي!