النسخة الكاملة

مساحة إسرائيل ورقة انتخابية أمريكية

الإثنين-2024-08-26 09:34 am
جفرا نيوز -
نيفين عبدالهادي

فاجأ الرئيس الأمريكي السابق ترامب كثيرين، وفي مقدمتهم الأردن الساعي دوما لتحقيق السلام وحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، بقوله خلال لقائه مع مجموعات يهودية شكّلت تحالفاً لدعمه في الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية العام الحالي «عندما تنظرون إلى خريطة الشرق الأوسط، تجدون أن إسرائيل بقعة صغيرة جداً مقارنة بهذه الكتلة العملاقة من اليابسة المحيطة بها. لذلك تساءلتُ: هل ثمّة طريقة للحصول على مزيد من المساحة؟»، ربما هو حديث انتخابي، ولكن بصورة عامة ينقل فكرا خطيرا، ورؤى تجعل من القادم حساسا، ويعكس رؤى بعيدة عن السلام والحل النهائي والعادل للقضية الفلسطينية.

لم يعد تفكير الرئيس الأمريكي السابق ترامب غريبا في تحيّزه للجانب الإسرائيلي، تحيّزا يغيّر من طبيعة الحقوق، ومن الشرعية الدولية، فهو مخترع «صفقة القرن» والمصرّ على تنفيذها ولم يعارضه حتى اللحظة في تطبيقها سوى الأردن، ليأتي اليوم وفي صفقة انتخابية جديدة ليتحدث بأسلوب عقاري يتحدث به عن زيادة مساحة إسرائيل، لتكون فلسطين ضمن خطته الانتخابية كسبا لأصوات أكثر على حساب الأراضي التي لم يبق سواها في هذا الزمن محتلًا .

والمقلق في تصريحات ترامب، أنها تزامنت مع إظهار وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، لأكثر من مرة خريطة ما يسمّيها الاحتلال «إسرائيل الكبرى»، وفي هذا مؤشر خطير، بل أخطر من الخطر نفسه، ويلوّح بكارثة ستُلحق المنطقة كافة، ناهيك عن الحرب التي قاربت على العام على أهلنا في غزة، والتي أوصلت غزة لما قبل الحياة وما بعد الظلم والقهر والدمار، فهي تصريحات جاءت خارج السياق المفروض استخدامه في مرحلة يبحث بها الجميع عن نور لنفق معتم يُخرج الإقليم بل العالم من عتمته ومن ظروفه الصعبة وربما الكارثية.

ربما تحدث ترامب على هذا النحو لأغراض انتخابية وهو أمر متوقع، لكن الحديث عن أرض عربية فلسطينية وربما رمى لما هو أبعد من ذلك، امر مرفوض أردنيا وفلسطينيا وعربيا، ففي أي حلّ يهجّر الفلسطينيين كارثة، وطالما حذر الأردن من ذلك واعتبره من الخطوط الحمراء التي لا يمكن المساس بها، للأسف تصريحات ترامب جاءت في غير السياق الذي تحتاجه المرحلة، وكذلك في وقت ومرحلة الجميع أحوج ما يكون له هو السلام والبحث عن وسائل حقيقية تقود لسلام عادل وشامل وفقا للرؤية الأردنية.

وجاء حديث ترامب أيضا ضمن الرؤية الإسرائيلية لتهجير أهل غزة، وكأنه يدفع باتجاه شرعيتها، ويمهّد للاحتلال طريقًا سهلًا لتطبيق سياساتها وخططه، وأيضا بذلك أمر خطير جدا، وهو ما حذر منه الأردن وما يزال، من التهجير وخطورته، وأنه مسمار جديد في نعش تصفية القضية الفلسطينية ، وهذا ثابت من الثوابت الأردنية التي لن يقبل بها، وخط أحمر لن يقبل بتجاوزه، ما يجعل من تصريحات ترامب عمليا تضع عود ثقاب جديد في هشيم مشتعل منذ أشهر في المنطقة نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وقيامها بكل جرائم الحرب على هذا الشعب وهذه البقعة الصغيرة من العالم، ووقع عليها مجازر لم تشهدها البشرية.
تصريحات غريبة ربما ليست مفاجئة حدّ النُكران، فهو فكر الجمهوريين، الذين يسعون للانتصار لإسرائيل أيّا كانت تفاصيل الواقع، ورغم مطالب ترامب وقف الحرب على غزة من إسرائيل انتقد في الوقت ذاته مطالب الديمقراطيين وقف إطلاق النار في غزة، واقع الحال يؤكد تحيّزا لإسرائيل وهذا يجب الأخذ به على محمل الحذر حتى لا تتكرر ظروف صفقة القرن ومواجهتها ورفضها، وأن لا تكون فلسطين من جديد ورقة رابحة في الانتخابات الأمريكية القادمة على حساب فلسطين والأردن والمنطقة.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير