جفرا نيوز -
علي ابو حبلة
الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة في حقيقته وواقعه خطر داهم يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة وما التنظيم الإرهابي اليميني للمستوطنين إلا نتاج هذا الفكر الصهيوني المتزمت بهذا التوسع الاستيطاني والاستباحة للأراضي الفلسطينية بهذه الحرب القذرة التي يقودها غلاة المستوطنين بهدف إشعال حرب دينيه في المنطقة في ظل صمت مطبق من حكومة اليمين الإسرائيلي التي يتزعمها نتنياهو وتصر على البناء والتوسع الاستيطاني . إن قيام المتطرفين من المستوطنين في حرق المساجد وإلحاق الضرر والأذى بالمواطنين الفلسطينيين من خلال وضع اليد على الأراضي الفلسطينية، هي جزء من مخطط يهدف إلى خلق بيئة طاردة للفلسطينيين عبر جعل حياتهم جحيماً لا يُطاق، بدءاً من تسميم مواشيهم، مروراً بحرق محاصيلهم الزراعية ومركباتهم وبيوتهم ومصالحهم، وصولاً إلى أعمال القتل من خلال إطلاق النار ورمي الحجارة من قبل المجموعات الارهابيه المتمثلة في شبيبة التلال ومجموعات تدفيع الثمن ومجموعات أمناء الهيكل قتلهم هم أنفسهم من خلال إطلاق النار أو رمي الحجارة عليهم...هذه الاعتداءات التي تُعرف في الخطاب الإسرائيلي باسم « الإرهاب اليهودي» تشهد تصاعداً غير مسبوق، منذ تولّي حكومة « الائتلاف اليمين المتطرف « السلطة نهاية عام 2022؛ إذ تمكّن التيار الصهيوني الديني الذي يستمد قوّته من مستوطني الضفة خصوصاً، من السيطرة على مفاصل أساسية في الحكم، وهو ما تجلّى مثلاً في تولّي رئيس كتلة « الصهيونية الدينية»، بتسلئيل سموتريتش، إضافة إلى وزارة المال، منصباً مستحدثاً في وزارة الأمن بات بموجبه يملك صلاحيات واسعة في « الإدارة المدنية»، فضلاً عن تولّي إيتمار بن غفير، وزارة الأمن القومي، المسئولة عملياً عن الشرطة و» حرس الحدود» وعن تطبيق القانون وإنفاذه على مستوطني الضفة، مع ما يعنيه ترك الحبل على غاربة للمستوطنين ليعيثوا فسادا وإجراما بحق الفلسطينيين خاصة بعد قيام وزير الأمن القومي الداخلي ايتمار بن غفير بتسليحهم ليصبحوا ميليشيا مسلحة داخل دولة الكيان الصهيوني،و منذ اندلعت الحرب على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؛ حيث باتت تستهدف قرى كاملة، بدعم واضح من وزراء ومسئولين إسرائيليين، فيما لم تكن دعوة سموتريتش إلى «حرق حوّارة»، إلا مجرّد حلقة في سلسلتها. وكان تولّي سموتريتش منصب وزير في وزارة الأمن - وهو الذي ينحدر من تيار ديني يؤمن بأن الاستيطان فريضة إلهية، والامتناع عن القيام بها مخالفة للشريعة تجلب العقاب لليهود – مما تسبب بتضارب في الصلاحيات داخل « الإدارة المدنية»، خصوصاً مع القائد السابق للمنطقة الوسطى في الجيش، يهودا فوكس، الذي أنهى ولايته وخرج إلى التقاعد الشهر الماضي، وخلفه في منصبه اللواء آفي بلوط، المنحدر من تيار الصهيونية الدينية أيضاً، وخرّيج « التحضيرية» ما قبل العسكرية، في مستوطنة « عيلي»، مركز المتطرفين.
فترة فوكس اتسمت بالتوتر بحكم علاقته بالمستوطنين، إلى حدّ أن جهاز الأمن الإسرائيلي نفسه وضع حَرَساً مرافقاً له خوفاً على حياته من هؤلاء، الذين أرادوا ارتكاب أعمالهم الإرهابية من دون أن يُحاسبوا أو يُعاقبوا. وهذا لا يعني أن فوكس كان نصير للفلسطينيين بل كل ما في الأمر أن التغيّرات التي طالت « الإدارة المدنية» خلال ولاية سموتريتش، سبّبت تآكلاً في صلاحياته، وقيّدت قدرته على الاستمرار كصاحب سيادة على المنطقة المحتلة. ومع تسلّم بلوط منصبه الجديد، تابع المستوطنون أعمالهم الإرهابية التي كان آخرها في قرية جيت الفلسطينية قبل أيام، حيث أحرقوا بيوت الفلسطينيين ومركباتهم، وقتلوا فلسطينياً وأصابوا آخرين، والملاحظ حسب المتابعين ارتفاع مستوى « التنسيق» بين قوات الجيش، و«حرس الحدود»، ومجوعة التنظيمات الاستيطانية نفسها التي تنظّم الاعتداءات على الفلسطينيين، إلى حد بات معه هؤلاء المستوطنون خارج دائرة المحاسبة كلياً، لا بل إنهم في بعض الأحيان، وانطلاقاً من إحساسهم بالسيطرة والتحكم، يهاجمون قوات الأمن التي تحاول اعتقالهم من داخل بؤر يصنّفها القانون الإسرائيلي ذاته « غير شرعية».
ووفق ذلك فقد حذّر رئيس جهاز الأمن الإسرائيليّ العامّ («الشباك»)، رونين بار، من أن الجرائم التي يرتكبها المستوطنون في اعتداءاتهم الإرهابية ضدّ الفلسطينيين، تسعى إلى قيادة «النظام إلى فُقدان السيطرة»، مشيرا إلى أن الضرر الذي لحق بدولة إسرائيل من جرّاء ذلك، «لا يُوصف»، كما أن من شأن استمرار هذه الجرائم أن «يغيّر وجه إسرائيل» ويحمل التحذير عناوين مهمة على أمن الكيان الصهيوني والخوف « الانتقال من النشاط المُرَكّز والسري إلى النشاط الواسع والعلني» والشعارات التي يكتبها هؤلاء المتطرفون ليست إلا إيذانا ببدء الحرب للمستوطنين بهدف إقامة ما يسمى دولة الاستيطان في الضفة الغربية.
جاء ذلك في رسالة بعث بها بار، الأسبوع الماضي، إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه يوآف غالانت، وعدد من الوزراء الآخرين، الذين استثنى منهم وزير «الأمن القومي»، المتطرف إيتمار بن غفير الذي طالب بدوره، مساء الخميس، باستقالة بار لما تحمله تحذيراته من دلالات ومخاطر تهدد أمن الكيان الإسرائيلي والمنطقة برمتها.