جفرا نيوز -
نيفين عبدالهادي
تحتاج إسرائيل للاستماع للثوابت والتأكيد عليها مرارا وتكرارا، لا لكونها تتجاهلها إنما لإصرارها على تناسيها وإغماض عينيها عنها، وأبرز ما تصر على تناسيه، هو المسجد الأقصى وقدسيته وكونه خطا أحمر في تجاوزه خرق واضح للقانون الدولي على إسرائيل أن تنشّط ذاكرتها أو تلجأ لمن ينشّط ذاكرتها بأن المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف تديره إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية.
في عدّ المرات التي انتهك بها الاحتلال المسجد الأقصى، جُهد للأرقام، وإنهاك للتعبير اللغوي، فهي مرات تكاد تكون يومية، لا تقف عند حد اقتحامه إنما تتجاوز ذلك لانتهاك حُرمته وحُرمة المصلين، وقدسيته، وتجاوز واضح على حق ممارسة العبادات للمصلين، ناهيك عن الإصرار على تأدية طقوس تنتهك حُرمة الصلاة والمسلمين، بخروقات متواصلة على كافة الأصعدة والمستويات، وبطبيعة الحال يقوم الاحتلال بكل هذه الانتهاكات ويده العسكرية تلاحق الأهل في غزة بحرب إبادة ترتكب بها أبشع جرائم الحرب وأكثرها بشاعة بتاريخ حروب البشرية.
واستمرارا لهذا النهج الذي أقل ما يوصف به أنه استفزازي ، أقدم أمس وزيران متطرفان من الحكومة الإسرائيلية وأعضاء من الكنيست، باقتحام المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي، تزامناً مع اقتحامات المتطرفين الإسرائيليين وممارساتهم الاستفزازية وفرض قيود على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، ومن جديد تتناسى إسرائيل حُرمة ثالث الحرمين الشريفين، وقبلة المسلمين الأولى، وتضع خلف ظهرها كافة القوانين الدولية التي تحرّم عليها مثل هذه التجاوزات الإنسانية والدينية والقانونية، والسياسية، وإصرار «منقطع النظير» على ارتكاب مزيد من جرائم الحرب والانتهاكات.
وبطبيعة الحال، وحتما بصورة غير مفاجئة، يقابل هذا الانتهاك والاستفزاز والإجرام، بصمت دولي أيضا «منقطع النظير»، فلم ،وعلى ما يبدو ، لن يحرك ساكن العالم كل هذا الإجرام والاستهتار المتعمد بمشاعر المسلمين، وبأرواح الفلسطينيين وكافة حقوقهم التي لم يعد لها معالم في يد احتلال يمضي في درب استهداف الشعب الفلسطيني في كافة جغرافيا بلاده المحتلة، وعدم الأخذ بأبسط حقوق البشرية أن ينالها هذا الشعب الذي لم يعد سواها محتلا على هذه المعمورة.
في الخرق «الفاضح للقانون الدولي وللوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، وبما يعكس إصرار الحكومة الإسرائيلية وأعضائها المتطرفين على الضرب بعرض الحائط القوانين الدولية، والتزامات إسرائيل بصفتها القوة القائمة» هكذا أكد الأردن أمس بما أقدم عليه وزيران متطرفان إسرائيليان، بتأكيد على «أن استمرار الإجراءات الأحادية الإسرائيلية والخروقات المتواصلة للوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، يتطلب موقفاً دولياً واضحاً وحازماً يدين هذه الانتهاكات والخروقات ، ويوفر الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني في ظل استمرار الحكومة الإسرائيلية في عدوانها على قطاع غزة والضفة الغربية»، هذا هو الأساس بكل ما يحدث في القدس والضفة الغربية وغزة من هجمة احتلالية إجرامية بضرورة تدخل دولي، فترك إسرائيل ترتكب كل هذه الجرائم والانتهاكات والمجازر والكوارث دون منعها هو جرّ للمنطقة والعالم لواقع خطير حتما لن تُحمد عقباه وإن ظن البعض عن بُعده الجغرافي سيكون طوق نجاة له من تبعات الإجرام الإسرائيلي، فما يقوم به الاحتلال شعلة نار لهيبها سيطال الجميع لن تُبقي أحدا بأمان.
المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته البالغة 144 دونمًا هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وإدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية، هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون الحرم القدسي الشريف كافة وتنظيم الدخول إليه، وإن أصرّ الاحتلال على تناسي هذا الواقع سيبقى الأردن مذكّرا ومحذرا، فلا يوجد أي مبرر لإسرائيل في كل ما تقوم به، وستجد من يقف لها بالمرصاد، والقدس ليست لإسرائيل هي عاصمة دولة فلسطين هذا واقع على الاحتلال أن يعيشه، وينفذه، وتغييبه عن سياساته وممارساته المتطرفة لن يقوده إلاّ لواقع مرير.