جفرا نيوز -
د. عدلي قندح
في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن نتيجة تبعات العدوان الإسرائيلي على غزة، يصبح من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة لتحفيز النشاط الاقتصادي وتجاوز آثار هذه الأزمة.
هناك مجموعة من الاستراتيجيات التي تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية، والتي تهدف إلى تحقيق هذا الهدف عبر تعزيز الإنتاج المحلي، تحفيز الاستثمار الداخلي، وتوجيه الاقتصاد نحو الابتكار والاستدامة. من هذه الاستراتيجيات، إحلال المستوردات وتعزيز الإنتاج المحلي؛ من خلال تقليل الاعتماد على المستوردات وتعزيز الإنتاج المحلي، حيث يمكن تبني سياسات تدعم الصناعات المحلية القادرة على توفير بدائل للسلع المستوردة، وهذا يتطلب تقديم حوافز ضريبية وجمركية للشركات التي تستثمر في إنشاء مصانع جديدة أو توسيع قدراتها الإنتاجية.
ويمكن العمل على تعزيز قدرات البحث والتطوير من خلال إنشاء مراكز متخصصة بالتعاون بين الجامعات والقطاع الخاص، لابتكار منتجات محلية تلبي احتياجات السوق، وهذا يتطلب التأكيد على سياسة توجيه الإنفاق الحكومي نحو شراء المنتجات المحلية، ما يشجع الطلب على الصناعات الوطنية.
ومن الإجراءات العاجلة أيضا، تحفيز أصحاب الأموال المودعة لدى البنوك للاستثمار، لاسيما أن تحفيز الاستثمار الداخلي يعتبر أحد الأسس الرئيسية لتنشيط الاقتصاد، حيث يمكن إطلاق حملات توعية تستهدف أصحاب الودائع الكبيرة، لتعريفهم بفرص الاستثمار المربحة في قطاعات واعدة مثل التكنولوجيا، الصناعة، والزراعة، كما يمكن تقديم حوافز ضريبية وجمركية لأصحاب الأموال المودعة الذين يختارون الاستثمار في مشاريع جديدة توظف العمالة المحلية.
كما يمكن إطلاق صندوق «التعافي الاقتصادي»، لتقديم دعم سريع وفعال للشركات المتضررة، ويمكن إنشاء صندوق مالي مخصص لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة المتضررة من الأزمة، بحيث يركز هذا الصندوق على تقديم قروض ميسرة وضمانات مالية للمشاريع التي تساهم في خلق فرص عمل جديدة، ما يساعد في تخفيف آثار الأزمة بشكل مباشر على الاقتصاد المحلي.
ومن الإجراءات المطلوبة أيضا، تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص لتعزيز النمو الاقتصادي، حيث أنه من الضروري تحفيز القطاع الخاص على زيادة توظيف العمالة المحلية من خلال تقديم حوافز ضريبية للشركات التي تلتزم بذلك، كما يمكن أيضاً تشجيع الشركات على الاستثمار في برامج تدريبية للشباب والنساء، ما يساهم في تخفيف البطالة وزيادة الطلب المحلي.
وهناك ضرورة لتسريع تنفيذ مشاريع البنية التحتية الخضراء، فالبنية التحتية تلعب دوراً حاسماً في دعم الاقتصاد، وهذا يتطلب البدء فوراً في مشاريع الطاقة المتجددة وتحلية المياه باستخدام التمويلات الدولية.
علاوة على ذلك، هناك ضرورة للتركيز على تحفيز التجارة الإقليمية حيث تساهم في تنشيط الاقتصاد، ويمكن للأردن تعزيز التبادل التجاري مع دول مثل العراق والسعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة وباقي الدول العربية والصديقة من خلال تسهيل حركة البضائع وخفض الرسوم الجمركية،حيث أن هذه الإجراءات ستساعد في زيادة صادرات الأردن وتوسيع نطاق الأسواق المستهدفة.
ولتلبية احتياجات سوق العمل، من الضروري إنشاء برامج تدريبية عاجلة جديدة وتفعيل القائم منها لاستهداف الشباب والنساء، تركز على مهارات مثل التكنولوجيا والصحة والخدمات، إلى جانب ذلك يمكن إجراء إصلاح شامل في نظام التعليم يركز على تجهيز الشباب بمهارات التفكير النقدي، الابتكار، والتعلم المستمر، ما يجعلهم أكثر استعداداً لمواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية.
ولا بد من التأكيد على أن التحول الرقمي يمثل فرصة كبيرة لتحفيز الاقتصاد، ويمكن للحكومة دعم الشركات التي تستثمر في التحول الرقمي وتطوير التجارة الإلكترونية، ما يعزز من مرونة الاقتصاد في مواجهة الأزمات.
ونؤكد ضرورة تطوير القطاع الزراعي وتبني الزراعة الذكية؛ خاصة أن القطاع الزراعي يظل أساسياً لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، ويجب دعم الزراعة الذكية والزراعة المستدامة من خلال تقديم تمويل وتقنيات متقدمة للمزارعين، ما يزيد من الإنتاجية ويعزز من الأمن الغذائي المحلي.
ومن الإجراءات المطلوبة أيضا، تحفيز قطاع السياحة والخدمات الصحية المتقدمة من خلال إطلاق حملات ترويجية وحوافز لجذب السياحة الداخلية، مع تقديم تخفيضات على الإقامة والنقل، وفي مجال الخدمات الصحية، يمكن توسيع خدمات الرعاية الصحية المتخصصة عبر تبني التكنولوجيا الطبية الحديثة مثل الطبابة عن بُعد، والذكاء الاصطناعي في التشخيص، ما يجعل الأردن مركزاً إقليمياً للرعاية الصحية المتقدمة.
ونؤكد أنه من خلال هذه الإجراءات المتكاملة، يمكن للأردن أن يعزز من قدراته الاقتصادية ويتجاوز تبعات الأزمة الحالية، مع تحقيق نمو مستدام وشامل يعود بالنفع على جميع شرائح المجتمع.