جفرا نيوز -
لما جمال العبسه
ارقام واحصاءات مروعة حملتها 300 يوم من العدوان الصهيو أمريكي على قطاع غزة، بيانات يشيب لها شعر الرأس ليس من هول تلك الخسائر المادية فحسب او ذلك التدمير المتعمد للبنية التحتية في القطاع لجعله مكانا غير صالح للسكن، بل في حصيلة القتل الممنهج والمتواصل لسكان القطاع منذ السابع من أكتوبر المجيد الذي اخرج من اعماق نفوس الصهاينة طفح الحقد والغل على الفلسطينيين الذين يعتبرون حائط السد الاول والاخير لاطماعهم الاستعمارية ليس فقط على حدود فلسطين التاريخية بل تمتد في جغرافية المنطقة شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، بصمودهم الاسطوري في القطاع المكلوم يزيد يوميا من منسوب هذا الغل على اي متحرك ينتمي لهذه الاراض الطاهرة العصية عليهم ان شاء الله.
إحصاءات المكتب الاعلامي في قطاع غزة، هي وصمة عار على جبين البشرية والصفحة السوداء في تاريخها، فهذا العالم بقي مكتوف اليدين امام كل ما تقترفه آلة الحرب الصهيو امريكية، بل واكثر من ذلك مؤيدا وداعما مستمرا لعملية الابادة الجماعية التي تتم هناك، اما بشكل مباشر او من خلال التجويع والتعطيش، او منع الدواء وبالتالي القتل بالاوبئة التي باتت تغطي مساحة القطاع، فنون قتل لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلا.
نحو مليوني نازح في القطاع يتنقلون من شماله الى جنوبه وبالعكس، وهذا امر ضاعف مأساتهم وشكل عبئا لا يتحمله احد، اما تعليميا فقد 800 الف طالبة وطالب في القطاعين الاكاديمي والعالي حقهم في التعليم، بعد ان دمر الاحتلال 117 مدرسة وجامعة بشكل كلي، و332 مدرسة وجامعة جزئيا.
اما فيما يتعلق بالقتل المباشر، فقد حدث في القطاع ما لم يرد في افلام «الاكشن» الامريكية فكانت المقتلة من كل حدب وصوب تجري على فلسطيني القطاع وبلغ عددها 3457 مجزرة، سقط خلالها اكثر من 40 الف شهيد وهذه الحصيلة الاولية والله اعلم بما سيخرجه ركام المباني المتهدمة من شهداء بالجملة.
اما على صعيد الخسائر الاقتصادية المباشرة فكانت تقدير ات الاعلام الحكومي في القطاع تقول انها بلغت 33 مليار دولار، وهنا نقف لنعرف اهمية اليوم الثاني لما بعد الحرب على القطاع، فاعادة بنائه يعني للكثيرين من المستثمرين في الدول المختلفة ثروة ممتدة لعقد او اكثر من الزمان للمشاركة في اعادة الاعمار، وللعلم هذا اخر ما يهم الغزيين الذي يرون في انهم الاقدر على اعادة بناء قطاعهم المدمر، فكما كانوا له حماة من الاغتصاب ومنعة له من عودة الاحتلال فهم القادرون على التعمير من جديد.
النفس والبنون والمال ذهبت جميعها ادراج الرياح وهذا منطق الذي لا يفهم سوى حب الدنيا والتعلق بها، انما في منطق الغزيين كلها خسائر تعوض في سبيل تحرير الاقصى خاصة وفلسطين بشكل عام، وازالة الدنس الصهيوني عن اطهر بقعة على وجه المعمورة.
ليس بعد، فلم ينتهِ تعداد الخسائر ولم يظهر الوجه القبيح لليوم التالي للحرب الذي سينجلي عن مآسٍ اكبر بكثير مما هي عليها الآن، أخلف الله على اهل القطاع وعوض عليهم بخيري الدنيا والاخرة، وجعلهم نبراسا هاديا لكل من اراد الحرية وسعى لها سعيها.