النسخة الكاملة

مآلات المنطقة العربية

الأحد-2024-08-04 11:33 am
جفرا نيوز -
د. ماجد الخواجا

على وقع نذر حرب إقليمية واسعة لا يعود فيها للحكمة والمنطق أي دور، حرب تكاد تشعل المنطقة بأسرها وتستدرجها لأتون معارك غير مسبوقة بما يكفي لإعادة رسم الخرائط والتوجهات سواء الجغرافية منها أم الديمغرافية.

بات واضحاً تماماً أن خلية الحرب الصهيونية ماضية في عنجهيتها التي جعلت منها كياناً مارقاً لا يعترف بالنظام الدولي أو العلاقات الدولية، وهو ممعن في انتهاك كافة مواثيق وقوانين الشرعة العالمية، حيث يريد من العالم تصديق رواياته وتبني خياراته الفظيعة، فهو يمارس انتهاك سيادة الدول ويقصف في عمق العواصم في بيروت ودمشق وصنعاء وطهران، لكنه يقدم مشهد المظلومية وأنه يواجه حرباً من عدة دول وأنظمة سياسية مع تصويرها كمحور لدول الشر ناصباً من نفسه المدافع عن محور الخير.

ليس مستغرباً عن الكيان الصهيوني ممارساته الوحشية وأكاذيبه المرسلة، لكن لم يعهد التاريخ الدولي مثل هذا الإذعان والهوان بحيث تعجز غالبية دول العالم في فرض إرادتها ووقف آلة الدمار الصهيونية، فلا قرارات الأمم المتحدة والجمعية العمومية لها أدنى أثر على لجم الكيان، لا تأثير ملموسا لقرارات محكمة العدل الدولية، ولا المحكمة الجنائية الدولية، لا دور لتلك الأنظمة التي تقف معارضةً أومحايدة للعدوان الغاشم.

هو مشهد عالمي ممعن في الخزيّ والعار لم يعد فيه النظام العالمي قادرا على إثبات حضوره وشرعته وقوته. لم تعد القضية مجرد رد فعل للسابع من أكتوبر، بل أصبح الأمر إبادة جماعية للبشر والحجر والثقافة، لقد مسحت غزّة عن الوجود الحضاري الإنساني، وأصبحت تعيش في ما قبل القرون الوسطى، ومع ذلك ما زالت آلة الإجرام الصهيونية تواصل صبّ شرورها وهمجيتها على ما تبقى من الشريط الغزّي المنكوب.

إن اغتيال الشهيد إسماعيل هنية ليس بالأمر الذي سيمر هكذا دون حساب، فهو نال من هيبة وسيادة دول عديدة وفي مقدمتها الدولة التي استضافت هنية وهي إيران، إضافة لقصف الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية واغتيال أحد مسؤولي حزب الله، مع قصف متكرر لمحيط العاصمة والمدن السورية، وليس انتهاء بقصف بعض المواقع في اليمن في أقصى جنوب البحر الأحمر.

ربما هناك حسابات مختلفة في حال نشوب حرب إقليمية يتم فيها إقحام دول عديدة في المنطقة، حيث أظهرت الحرب الغاشمة على غزّة نهاية أسطورة الجيش الذي لا يقهر، فشاهدنا جنوده وآلياته تقف عاجزة كأنها مجرد خردة في بعض المواقف.
إن دخول إيران للحرب بشكل كامل يعني دخول قوة نووية تواجه قوة نووية، وهنا ستكون الخيارات والمآلات للمنطقة لا يمكن احتمالها أو توقع عواقبها.

هناك جنون وحماقات غير معهودة في الحرب والسلم، فلن تبقى دولة الاحتلال إن لم تبق دول المنطقة، ولا تقدر هذه الدولة على احتمال هزيمة واحدة في حرب حقيقية. فلا هي تمتلك العمق الجيوسياسي، ولا تستطيع الانتشار في المساحات الممتدة على جنوب حوض المتوسط وجنوب شرق آسيا وصولاً إلى إيران والباكستان وتركيا.

نعم هناك وقع قوي لدق طبول الحرب في المنطقة، هناك عدم يقين في أية احتمالات أو مآلات للمنطقة. هناك فترة ترقّب لليوم التالي للانتخابات الأمريكية. هناك تحت الركام والرماد جذوة مشتعلة ستأكل الأخضر واليابس وفي مقدمتها الدولة الصهيونية المارقة.
هذا مخاض لن تعود المنطقة فيه كما هو حالها قبل السابع من أكتوبر.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير