جفرا نيوز -
إسماعيل الشريف
أنام وأصحو على أخبارك. لم أعد أستمتع بمباهج الحياة كما كنت من قبل. معدتي تؤلمني، ورأسي ينفجر، وروحي معلقة بك.
أشعر بك مع كل شجرة زيتون تحترق، ومع كل منزل يُهدم، ومع كل قريب لك يُستشهد. دموعك هي دموعي، ورجفاتك هي رجفاتي. وأبوك الذي استشهد هو أبي، وأمك هي أمي، وأختك هي أختي. جوعك هو جوعي، وحصارك هو حصاري.
أتساءل كما تتساءل، ما الذي فعلته لتستحق هذا العذاب؟ طفلي، لم ترتكب شيئًا سوى أنك وجدت نفسك في المكان الخطأ والزمان الخطأ، ضحية لعبة استراتيجية وأيديولوجية دنيئة.
يحزنني كما يحزنك أن مدرستك قد سُوّيت بالأرض، وأن كتبك مغمورة تحت الركام، وأن زيك المدرسي الذي تركته وراءك وأنت تنزح شمالًا وجنوبًا. ويحزنني أكثر عندما تذهب إلى المستشفى ولا تجد العلاج لك. شاهدت عمليات مؤلمة لبتر أعضاء أطفال في عمر الزهور بلا تخدير.
آسف، سامحني على تقصيري!
لم أعد أوصلك صباحًا إلى مدرستك، ولم أعد أحظى بقبلة الصباح على وجنتيك أو بتحضير سندويشة المدرسة. استُبدلت شهادات المدرسة بشهادات الاستشهاد. أصبح طابور المدرسة الصباحي طابورًا طويلًا موجعًا للحصول على قليل من الماء والطعام.
فقدت جزءًا من قلبي وعقلي عندما رأيت اسمك مكتوبًا بخط منمق على ذراعك إذا ما استشهدت. خطك جميل وبريء، كجمال عينيك وروحك.
يؤلمني أن أباك لم يعد يستطيع فعل شيء، فما باليد حيلة، فالجميع ينتظر نفس المصير. لا فرق بين أحد في حرب الإبادة هذه.
أبذل جهدًا لأقف معك في محنتك. أكتب «مقالة» سخيفة تحت المكيف، وأكذب على نفسي بأن مقالتي هذه تساهم في صناعة الوعي – عبارة أسخف من المقالات نفسها-. أرسل قليلاً من النقود الفائضة عن حاجتي، وأتحدث لنفسي: بإذن الله ستغير هذه الدنانير القليلة من حياة طفل. ها أنا أكذب مرة أخرى. شاركت في بعض المظاهرات، وهتفت لك، وعدت إلى البيت سعيدًا. وبنفس الليلة، رأيت استشهادك في بث حي ومباشر.
أخوض معارك شرسة على مواقع التواصل الاجتماعي مع الصهاينة البغاة. أهزمهم كثيرا، ولكنني فشلت في منع طلقة واحدة من أن تُطلق عليك. أي سخافة هذه!.
كأي طفل في العالم، من البديهي أن تستيقظ صباحًا وتذهب إلى مدرستك. ولكن بدلاً من ذلك، أرى يديك الصغيرتين تحفران بين الأنقاض للعثور على قريب حي أو جثة ممزقة.
سرق البرابرة الطغاة طفولتك وبراءتك، كما سرقوا أرض أجدادك، وبيارات البرتقال، وغصون الزيتون.
لا تفاجئني شجاعتك وبطولتك، فجذورك تضرب في تاريخ طويل من المقاومة، وجيناتك تحمل إرثًا من البطولة والشجاعة.
أقسم لك أنني سأكون معك عندما يحين وقت البناء. سأغرس أشجار الزيتون معك، وقد أقف بجانبك ونحن نصلي صلاة الفتح. سنزور قبور آبائك لنخبرهم بأننا انتصرنا.
يا أطفال فلسطين، لقد علمتمونا كيف تكون الرجولة... وكيف يكون الإنسان حقاً.
طلبي بسيط، سامحونا!