جفرا نيوز -
نيفين عبدالهادي
لم ننسَ، ولن ننسى، فهي غزة التي تعيش في الروح والقلب، لم تبتعد يوما عن أذهاننا، ولم تغادر أفكارنا، ومجازر الاحتلال الإسرائيلي التي تحدث يوميا وتطال أبرياء غزة أطفالا ونساء وشيبا وشبابا، ومنشآت حيوية، التي تزداد بشاعة وإجراما، لتصبح غزة تحمل اسم المدينة، ولا مدينة بها ولا حياة، مكان لا مكان به للعيش ولا لنبض الوجود.
أعلم أن غزة لا تريد كلامنا، ولا كلماتنا المزخرفة بحلو الكلام، لكنه أكثر ما نملك لنعبّر به عن وقوفنا مع غزة إلى جانب سعينا لمد يد العون والمساعدة بكل ما أوتينا من حبّ وأدوات يمكن أن تقدّم ولو النزر اليسير من المساعدة للأهل في غزة، ولنؤكد لكل غزيّ أننا لم ننس للحظة معاناتهم وعذاباتهم، وواقع حالهم الأليم.
تذكّرنا أوجاعكم يوميا بحالكم، وما تنشرون من وقائع وما يصلنا من معلومات بهول ما تعيشون من مآس ومعاناة، يوجعنا عندما ينشر زميلنا الصحفي فيليب جهشان أن الفلافل أصبح حلما، لكنه تجاوز التحديات وأعدّه على ركام منزل، وحتى ركام حياة، وتناول الفلافل وعائلته بمرارة الطعم وحلاوة الإنجاز، فالنجاح «بقلي» الفلافل بات إنجازا لأهل غزة، وسعادة تحكي قصص أهل غزة بأكمله، هذه المدينة التي كانت تضم أكثر ثروات الطعام والماء والطاقة، باتت اليوم ثرواتها من حرب الاحتلال على أهلها تقتصر على توفير وجبة طعام تسدّ جوعهم ولا تشبعهم!.
الحرب طالت أيامها، وتجاوزت جرائمها حدود العقل والمنطق، فلا بد من وقف فوري لهذه الحرب، كما يطالب الأردن منذ اليوم الأول من هذه الحرب، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من باقي حياة هذه المدينة، التي لم يعد بها أي من مقومات الحياة الطبيعية، ولم يعد بها مستشفيات تعمل، ونال الجوع من سكانها، والمرض حدّ الوجع وحدّ الشهادة، فلا خيارات أمام كلّ باحث عن العدالة، فالخيار واحد، بضرورة وقف الحرب، وايصال المساعدات دون توقف وبكثافة للأهل في غزة، دون ذلك فإن الوجع يزداد وجرائم الحرب تتجاوز حدود الإدراك البشري.
كل شيء تحتاجه غزة اليوم وقد تجاوزت الحرب عليها العشرة أشهر، ولكن ما يفوق الحاجة، وما يفرض نفسه على العقل والقلب، ويتجاوز كل مدارس السياسة، بأن تتوقف هذه الحرب المدمرة، فلم يعد في غزة متسع لمزيد من الموت، والقهر والظلم، والجوع، ما تحتاجه غزة أكبر من الكلام، وأكثر من المشاعر، ما تحتاجه مواقف عملية بتحقيق «الوصفة» الأردنية بأن تقف الحرب وتصل المساعدات، دون ذلك فهو ابتعاد عن الواقع، واغماض العين عن الحقيقة، النفق معتم جدا، ونور الخروج منه بوقف إطلاق النار.