جفرا نيوز -
سميح المعايطه
من الطبيعي أن تذهب تركيا إلى محاولة بناء تفاهم مع الدولة السورية، فتركيا مثل كل الدول تبحث عن مصالحها وحين وقفت ضد بشار الأسد وعملت على إسقاط نظامه في فترة "الربيع العربي"، كانت تعتقد أن المرحلة المدعومة من الإدارة الأميركية الديمقراطية أنذاك ستسلم الإسلاميين مقاليد حكم المنطقة، وستكون تركيا المستفيد الأكبر لأنها الدولة المرجعية للإخوان المسلمين وحتى لتنظيمات متطرفة.
لكن الزمن تغير وتغيرت أولوية تركيا، فالمعارضة السورية بكل تفاصيلها تحولت إلى عبء على من يدعمها، بل أن دولاً عديدة لم تثق بتلك المعارضة وأصبحت مؤسساتها ليست آداة لإسقاط النظام، بل لتوفير فرص عمل لفئات من المحسوبين على تلك المعارضة، ولم يعد ملف إسقاط النظام السوري أولوية لدى أحد، وطبيعي أن تبحث دولة كبيرة مثل تركيا عن مصالحها وملفها الأول وهو محاربة الأكراد بالترتيب مع روسيا والنظام السوري.
ومراجعة الأولويات، قامت بها تركيا مع دول الخليج ومصر فعملت على استعادة علاقتها مع دول الخليج ومصر لأن في هذا مصلحتها، حتى وإن كان جزء من الثمن الإخوان المسلمين، وحين يكون ثمن تحقيق مصلحتها مع روسيا وبشار الأسد المعارضة السورية بكل تفاصيلها فلن تتردد.
القاعدة الكبرى تقول أن كل التنظيمات المعارضة لبلدها والموجودة على أرض دولة اخرى هي ورقة بيد الدولة المستضيفة حتى لو كان الأمر متعلقا بأفراد، فالدول في كل مرحلة لديها حسابات وأولويات تدفع مقابل الحصول عليها أثمان، وأي علاقة تفقد قيمتها يتم الاستغناء عنها أو إضعافها، وهذا يتم دائماً.
الحكم النهائي في ملف المعارضة السورية وحتى السوريين في تركيا سيكون بعد التفاهم بين تركيا وسوريا إن تم، وكلا البلدين لديه قائمة مطالب من الآخر وجزء من الثمن المعارضة والأكراد وحتى تفاصيل إدلب بمن فيها من تنظيمات.
أردوغان يدرك بخبرته أن ما سيحصل عليه من اتفاق مع بشار الأسد أهم مما توقع أن يحصل عليه من المعارضة السورية حين كان العمل على إسقاط بشار، ويدرك أن النظام السوري رغم ضعفه وتقاسم النفوذ فيه بين إيران وروسيا، يمكنه بالتعاون مع بوتين أن يخدم المصالح التركية مقابل ثمن لا مانع لدى تركيا أن تدفعه ويتعلق بالشمال السوري.
ليست المرة الأولى التي يكون فيها الحديث عن مصالحة سورية تركية، لكن هذه المرة تبدو الظروف تخدم هذا التوجه حتى الآن.