جفرا نيوز -
إسماعيل الشريف
إنها ليست مروحيات إسرائيلية، بل مروحيات أمريكية يقودها طيارون «إسرائيليون»- نعومي تشيموسكي
يهاجم رئيس الوزراء الأسبق للدولة المارقة، إيهود أولمرت، نتن ياهو في كل مناسبة، ويطالبه منذ بداية الطوفان بإنهاء الحرب والإفراج عن المحتجزين. ويقول إن نتن ياهو قد أضر كثيرًا بالكيان.
كتب مقالًا مهمًا في صحيفة هآرتز، يتهم فيه نتن ياهو بمحاولة متعمدة لتدمير التحالف بين الدولة المارقة والولايات المتحدة، ويسميه بالخائن.
يقول أولمرت في مقالته: «لسنوات عديدة، كان الاستقرار السياسي لإسرائيل على الساحة الدولية يعتمد على الدعم المطلق من الولايات المتحدة»، ويضيف: «القوات الجوية الإسرائيلية بأكملها تعتمد بالكامل على الطائرات الأمريكية: الطائرات المقاتلة، وطائرات النقل، وطائرات التزود بالوقود، والمروحيات. إن القوة الجوية «الإسرائيلية» بأكملها مبنية على الالتزام الأمريكي بالدفاع عن «إسرائيل». ليس لدينا مصدر آخر موثوق للإمدادات الأساسية».
ويتفق معه أهم لواء متقاعد في الكيان، إسحاق بريك، الذي يُطلق عليه «نبي الغضب» لأنه تنبأ بطوفان الأقصى. ويقول بريك: «كل صواريخنا، والذخائر، والقنابل الموجهة بدقة، وجميع الطائرات والقنابل، كلها تأتي من الولايات المتحدة. في اللحظة التي يغلقون فيها الصنبور، لا يمكنك الاستمرار في القتال. ليس لدينا القدرة على ذلك. الجميع يدرك أننا لا نستطيع خوض هذه الحرب بدون دعم الولايات المتحدة.»
هذا الكلام لا يدع مجالًا للشك بأن الولايات المتحدة تستطيع فورًا وقف الإبادة الجماعية التي تحدث في غزة منذ تسعة شهور. لكنهم في بداية الحرب حرضوا على قتل الفلسطينيين وزودوا الكيان بجميع احتياجاته للإبادة التي تُجرى، ووفّروا له الغطاء في المحافل الدولية. وبعد أن تظاهر الأحرار في العالم وأصبح القتل يؤثر على الحياة السياسية الأمريكية، تغيرت لهجتهم وادعوا أنهم لا يستطيعون فعل شيء لوقف الهمجية الصهيونية، وأنهم كبقية دول العالم يقفون مكتوفي الأيدي. ثم لاحقًا، تغير الموقف المعلن ليصور بأن بايدن غاضب من نتنياهو ويضغط عليه حتى يوقف الحرب.
ولا ينفك جون كيربي، الذي كان يشغل منصب منسق مجلس الأمن القومي ثم رُقي إلى مساعد الرئيس ومستشار الاتصالات في البيت الأبيض أثناء الطوفان تقديرًا لكذبه المستمر، من التصريح بأن الدولة المارقة هي دولة مستقلة ولا نستطيع أن نملي عليها شروطنا!
يعلّمنا التاريخ أن الولايات المتحدة تستطيع إيقاف المجزرة فورًا. ففي عام 1982، عندما رفض بيغن وقف اجتياحه للبنان، اتصل به الرئيس الأمريكي آنذاك، ريغان، وأمره بالانسحاب، فأصدر قرارًا بانسحاب قواته بعد خمس دقائق من المكالمة. وفي حرب العبور عام 1973، عندما أصبحت الطريق ممهدة للصهاينة لدخول القاهرة، تدخل كيسنجر وأمر بوقف إطلاق النار، وانصاع له للصهاينة.
لا يمكن إلا أن نستحضر التاريخ وتصريحات كبار الساسة والعسكريين الصهاينة ونحن نتابع الأخبار والتحليلات حول مفاوضات حماس والصهاينة عبر الوسطاء لوقف الإبادة الجماعية في غزة. هذا المشهد المسرحي السريالي تُديره الولايات المتحدة: نتن ياهو يواجه ضغوطًا شعبية ومؤسسية، وعلى رأسها الجيش، إضافة إلى الضغوط الخارجية من الولايات المتحدة للموافقة على الصفقة، ومع ذلك، يعرقلها كما فعل مع جميع الصفقات السابقة. من يملك المال والسلاح يملك القرار. تستطيع الولايات المتحدة وقف الحرب في دقائق، لكنها تأبى إلا أن تلطخ أيديها بدماء الفلسطينيين.