جفرا نيوز -
بقلم : فيصل تايه
وسط الاستعداد الحكومي والتأكيد الرسمي بتنفيذ الامر الملكي بإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها ، وتأكيد جلالة الملك أهمية هذه الانتخابات ، "نريدها أن تكون محطة رئيسة في تاريخ الحياة البرلمانية الأردنية" ، تشهد مختلف الدوائر الانتخابية في مختلف مناطق المملكة نشاطاً شعبياً وحراكياً وحزبياً لافتاً تقوده شخصيات حزبية وشعبية ممن قرروا خوض "التجربة" بكل همة ومسؤولية ، والواضح ان البعض منهم من يحاولون النفاذ الى مجلس النواب القادم وبغطاء حزبي مغلف بعباءة عشائرية ، من خلال توظيف اقاربهم ومعارفهم وعلاقاتهم وقدراتهم واموالهم وثرواتهم في تشكيل الفضاء العام في دوائرهم في مشهد يتكرر كل دورة انتخابية ، فقد سبق وشهد لهم ذلك انتخابات المجالس النيابية السابقة.
كما ومن الملاحظ ان حملات التبرعات والهبات والمساعدات والتسهيلات المؤقتة التي يوفرها المرشحون للمحتاجين والمعوزين كثرت بشكل "ملفت" وصولا الى "الاستقطاب" الجماهيري "باي ثمن كان" خاصة ممن لهم خبرة سابقة ، او الذين لديهم تجربه احترافيه في الوصول الى مقعد النيابة من خلال اعادة أحياء "اتباعهم" وتفعيل دورهم "لمناغشة" قواعدهم الشعبية على مبدأ "ابشر بالفزعة" ، فحسبما اعلنت مصادر مضطلعة ان عدد المرشحين من السادة النواب من المجلس الحالي بلغ أكثر من ١٠٠ مرشح وفقا لخارطة الكشف الشعبي لمرشحي الانتخابات النيابية المتوقعة ، اضافة الى البعض الآخر ممن كانوا قد غابوا تماما عن المشهد الانتخابي السابق ، كما ومن الملاحظ ان البعض بدأوا الدخول في مواجهة بعضهم البعض ، ولم يبقي كل واحد منهم للاخر مساحة انتخابية مستقلة ليتسابق فيها مع المرشحين الآخرين في دوائرهم الانتخابية الواحدة .
والسؤال المنطقي الذي يطرح نفسه : هل سيعود العديد منهم من جديد وبأسماء مستعارة جديدة "تغلفت" باسماء احزاب تمخضت ولادتها حديثاً ؟ اذ ان من الواضح ومع اقتراب غمار هذا الاستحقاق الدستوري ان الكثير من الأسماء (هي هي) والوجوه (هي هي) تحاول العودة لتعود من جديد بغطاء حزبي لاحزاب مستجدة ، كما وفي هذا الواقع "المتوقع" فإنّ ما يؤرّقُ الضلوع في مهدها هي البرامج المطروحة ، والشعارات المرفوعة ، والانصياع شبه الكامل "للأنا" والتي تحمل مضامين جلّ شعاراتهم فيها "تقديم الذات" ، لنرى وقبل السماح ببدء بث الدعاية الانتخابية ان الاستحقاق الذي يبعث على الحيرة والحذر يسيطر في تفكير أغلبهم ، ما يحتاج منا الى جلسة عصف تساؤلي ، لنجد ان كل الأجوبة المستنسخة او التي ستستنسخ لا تبعث على الأمل ، أو أنها تبثّ الصدمة ، أو تفتح ذراعيها لوطنٍ لن نقول انه "سيراوح مكانه" ضمن مفاهيم متأصّلة في مفهوم الوصول ، وبعيداً عما نأمل ويتمناه الوطن والمواطن .
لكن وفي المقابل فان هناك تحركات متواصلة ينسج فصولها أمناء عام الأحزاب السياسية في الاردن التي لها تاريخها المعروف ، باعتماد برامجها الوطنية التي ترسم من خلالها مرحلة جديدة للعمل السياسي الإحترافي ، في خطوات هامة نحو فهم قواعد العمل الحزبي في مضمون ديناميكية المفهوم السياسي بمنظور السياسة الواقعية ومقدرتهم على أحداث تغير في الواقع يلامس التطلعات المنشودة وينعكس بشكل أيجابي على الحياة العامة للاردنيين في مختلف محافظات المملكة .
انا اعتقد اننا بحاجة ماسة الى مفهوم التفكير الجمعي الذي سيُفضي إلى أرضيّة فسيحة تتسع للجميع وترتكز عليها خطوات الاطمئنان ، وتفتح الباب على مصراعيه لكشف الحقائق وتعرية المستور من خفايا في الباطن ، وهذا ما لا يفهمه الا اصحاب التجارب الانتخابية السابقة والسجل الحزبي والوطني المعروف ، غير أنّ بعض النفوس المتواطئة مع فكرة الاستحواذ لا يروق لها إلا الانغلاق داخل الغرف المغلقة حيث تكمن "المخططات" بكامل أناقتها الباهتة ، ولا تجدُ لها في الواقع غير حشد الجماهير حول مفاهيم "الوعود والعهود" رغم يقينهم الأجوف بتناسل الفقدان ، وتصاعد وعي الجمهور أكثر من ذي قبل ، وهذا هو مايؤرقهم ويهدم فيهم دكّة ارتكازهم الصنمي ، ويفتح باب الاجتهاد لوطنٍ تضجّ به الأسئلة بانتظار جواب العقل..
علينا الأن أن نكبح جماح ذواتنا ، ونكبح جماح المستأسدين وتعرية ضعف منطقهم وركاكة منطلقاتهم ، ونصدع بالقول سيكون "الحق" في وجوه الجميع ، و"الحق" أحق بأن يُتّبع ، وإلا حينها سندفع مجدداً الثمن الكبير بتبديد حياتنا وفقدان املنا في وطن قلبه كبير وتحويله إلى تابعٍ لهم يؤرّخ سيره وحتفه بأفعالهم ، فلنتابع مراصدهم وطرائقهم الموغلة في مفهوم "الاكتساح" والتعميم والفكرة الخائبة ..
والله ولي التوفيق ..
ودمتم سالمين