جفرا نيوز -
علي ابو حبلة
ما زالت التساؤلات تهيمن حول إمكانية نشوب حرب شاملة مع حزب الله على الأجواء في إسرائيل ولدى صانع القرار في البيت الأبيض وفي لبنان أيضاً، وتتداخل فيها الشائعات مع الحملات الموجّهة في إطار الحرب النفسية التي يشنّها الاحتلال وإعلامه وحلفاؤه، إضافة إلى تعدد التقديرات والآراء التي تزيد الأمور ضبابية. وفي كل الأحوال، تستند هذه التساؤلات إلى تطورات الأحداث وتصاعد التوتر على الحدود الشمالية وتفرض نفسها على جدول اهتمامات المسئولين الأميركيين والإسرائيليين. وتحمل أبعادا كثيرة عن تداعيات الحرب إن حصلت وتتعدد الإجابات عن سؤال الحرب، وتتعدد معها العوامل المؤثرة في هذا الاتجاه أو ذاك. وفي هذا السياق لا بد وأن يؤخذ في الحسبان المصالح الذاتية والسياسية لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والتحولات التي أحدثتها معركة «طوفان الأقصى» في العقل الاستراتيجي الإسرائيلي. كما يحضر الموقف الأميركي، والإنهاك الذي أصيب به الجيش بعد حرب مستمرة منذ نحو تسعة أشهر، إضافة الى المخاوف من تداعيات هذه الحرب على مختلف الساحات الإسرائيلية واللبنانية والإقليمية. وضمن هذا الإطار، تحضر كذلك الخيارات والبدائل المطروحة وإمكانية التوصل الى صيغ ما تحول دون الانفجار.
ان تحذيرات الدول لرعاياها ومطالبتها بمغادرة لبنان تثير مخاوف من اتساع رقعة الحرب وتدحرجها لتشمل كل لبنان وفي هذا الإطار وبرأي المحللين والمتابعين فان خيار الحرب لا يزال مستبعدًا لا سيما أنه منذ عدة أشهر والتحذيرات تطلق بين الآونة والأخرى ولم يحصل أي شيء، وبالتالي فإن ما لم تفعله إسرائيل منذ الثامن من أكتوبر لن تستطيع القيام به اليوم في ظل الواقع المأزوم الذي تعيشه». و»هناك عدة أسباب تمنع قيام حرب شاملة على لبنان منها، أن الجيش الإسرائيلي المهزوم والمأزوم معنويًا في غزة والذي يرزح تحت عبء الخلافات والانقسامات السياسية في إسرائيل وصولًا إلى تصدع حكومة نتنياهو، لن يستطيع أن يخوض حربًا ثانية تكبّده المزيد من الخسائر». وهناك نقطة مهمة تُخيف إسرائيل هي أن قوة الردع وتوزان الرعب الذي تفرضه قوى المقاومة خصوصًا بعد أن عادت طائرة «الهدهد» بصور من شمال وعمق فلسطين، وهو الدليل الأكبر بأن كل المنشآت الحيوية أصبحت تحت مرمى نيران قوى المقاومة ، وبالتالي هذا الأمر لا يمكن أن تتحمله إسرائيل في حال قرّرت خوض هذه الحرب».
وهناك تخوف من أن «إسرائيل لن تحصل على الغطاء الأميركي لهذه الحرب في ظل المساعي التي تقوم للولايات المتحدة لتقديم الحلول الدبلوماسية وتخفيف التصعيد، خصوصًا أن الرئيس الأميركي جو بايدن لم يعد قادرًا على تحمل نتائج استمرار الحرب على غزة في ظل تراجع شعبيته عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية ولن يستطيع أيضًا تحمل تبعات هذه الحرب على لبنان».ويُشير إلى «خوف الاتحاد الأوروبي من تداعيات توسيع الحرب، بسبب المجازر الوحشية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين والانقلاب الكبير الذي تشهده بعض دوله على إسرائيل، فضلًا عن الرعب الذي يتملك الأوروبيين من أن تؤدي أي حرب إلى فتح شواطئ لبنان أمام مئات آلاف النازحين السوريين واللبنانيبن بإتجاه الشواطئ الأوروبية». ويؤكد مراقبون ومتابعون أن «هذه الأسباب لا تزال قائمة ولن تتغير لا سيما هناك مظلة دولية حول لبنان تمنع إندلاع هذه الحرب»، ويذكر إلى أن «التهديدات التي تقوم بها إسرائيل هي لذر الرماد في العيون ومن أجل إستنهاض المجتمع الإسرائيلي، خصوصًا بعدما فقد ثقته بكل المنظومات السياسية والأمنية والعسكرية والإستخباراتية».
يبقى موضوع الحرب واتساع رقعتها قائم وحاضر في النقاشات الإسرائيلية ويتصدر وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية، إذ نقلت وكالة «رويترز» عن مسئول أميركي قوله إن أحداً لا يريد الحرب بين لبنان وحزب الله، فيما نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تحقيقاً لمراسلها ماكس بووت الذي قال إن الإسرائيليين « لم يلتقطوا أنفاسهم من صدمة 7 أكتوبر بعد، حتى لاح في الأفق اشتعال جبهة خطيرة أخرى مع حزب الله، والكآبة تعمّ الأجواء، ولم يسبق لي أن رأيت الإسرائيليين مثل الآن» . ونُقل عن صحافي إسرائيلي قوله: « هناك حزن وانعدام أمل، والعبء يتزايد مع احتمال نشوب حرب كبرى ضد حزب الله الذي تفوق قدراته العسكرية قدرات حماس. وهناك مخاطرة بإلقاء الجنود المنهكين بالفعل في مستنقع مميت آخر، بينما من المحتمل أن يطلق حزب الله ترسانته المكوّنة من 150 ألف صاروخ على أهداف في كل أنحاء إسرائيل» .ورغم النقاش الصاخب حول المخاطر الآتية من الجبهة الشمالية وغياب التوجه الواضح لدى القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية حيال التعاطي معها، ومع التهديدات المتواصلة بتوسيع الحرب على لبنان، « لا تبدو إسرائيل مستعدّة بالشكل المطلوب لإجلاء المستوطنين في حال نشوب حرب في الشمال، بحسب مراقب الدولة في إسرائيل متانياهو إنغلمان. فيما رأى رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق جيورا آيلاند، أن « محاربة حزب الله هي هزيمة إسرائيلية، سيكون 80% من سكاننا في الملاجئ ولن يكون لدينا اقتصاد بعد ذلك» ، لافتاً إلى أن « حزب الله ليس 500 جندي بسلاح كلاشينكوف»، في إشارة إلى القدرات العسكرية والاستخباراتية الكبيرة التي يمتلكها الحزب.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه في حال نشوب حرب مع لبنان « لن تكون لدى سلاح الجو إمكانية تقديم مساعدة جوية قريبة لجميع القوات، ولن يكون الجيش في ذروة قوته نتيجة 9 أشهر من الحرب على غزة والقتال مع حزب الله، مع الإشارة إلى أن « إبطاء الولايات المتحدة شحنات الأسلحة مصدر قلق كبير للجيش وقد يؤثّر على قرار خوض حرب موسّعة مع لبنان» .