جفرا نيوز -
بقلم عوني الداوود
الحرب التي تشنّها إسرائيل ضد «وكالة الأمم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين/ الأونروا»، لم تبدأ منذ 7 اكتوبر بالتأكيد، فهي حرب قديمة قدم القضية الفلسطينية، لأنّ اسرائيل تحارب وبقوة ما تمثله «الأونروا» من رمزية حق العودة للاجئين بالدرجة الاولى، ولذلك فإنّ الحرب على هذه الوكالة، حرب سياسية بالدرجة الأولى، لكنّ 7 أكتوبر بالنسبة للعدو الاسرائيلي، شكّل فرصة للانقضاض على هذه الوكالة الدولية مستغلة - اسرائيل - التعاطف والدعم الامريكي والغربي لها للخلاص من «الأونروا»، خصوصا بعد اتهام 12 موظفا من بين 13 ألفا، بأن لهم ارتباطاً مع المقاومة..وهو الأمرالذي ثبت للعالم كلّه عدم صحته، وأنّ اسرائيل كذبت وتواصل الكذب كعادتها.
تلك الادعاءات جعلت نحو 16 دولة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية تتوقف عن دعم الوكالة التي تعتمد موازنتها على التمويل الطوعي، وهي معنية بشؤون نحو (5.9 ملايين) لاجئ فلسطيني مسجّل لديها في خمسة ميادين عمل: (قطاع غزة والضفة الغربية / بما فيها القدس الشرقية - الأردن - سوريا - ولبنان)، وقد زادت أهمية الدور الانساني الكبير لهذه الوكالة بعد 7 اكتوبر، ومع حرب الابادة التي ينتهجها الكيان الصهيوني ضد الأهل في غزّة، والتي وصل عدد الشهداء فيها حتي يوم أمس قرابة 36 ألف شهيد، وقرابة 80 ألف جريح ومصاب.
الأونروا اليوم «لا بديل» عنها بتقديم أقلّ ما يمكن من مساعدات داخل غزّة، وداخل رفح المحاصر فيها اليوم أكثر من 1.5 مليون، معظمهم نزحوا من شمال ووسط غزة.
«الوكالة الدولية» دفعت ثمنا باهظا، وفقدت من كوادرها نحو 189 موظفا منذ 7 اكتوبر.
اسرائيل خسرت معارك كثيرة منذ 7 اكتوبر، وما زالت تتلقى الخسارة تلو الأخرى ومن هذه الخسائر:
-خسارة عسكرية وسياسية : لعدم تمكّنها من تحقيق هدفها الأول، وهو القضاء على حماس والمقاومة التي ما زالت صامدة بعد 227 يوما.
-خسارة عسكرية وسياسية وداخلية :لأنها لم تستطع الوفاء بوعد قطعته لأهالي الأسرى والرهائن بإعادة ذويهم بالقوة العسكرية حتى الآن.
-خسارة استخباراتية: لعدم التنبؤ بما حدث في 7 اكتوبر.. واستخباراتية معلوماتية بسبب عدم القدرة على تحديد أماكن الرهائن واستعادتهم بعد قرابة 8 أشهر من عدوانها على غزة.
-خسارة سياسية عالمية: جرّاء تراجع التعاطف الشعبي وتراجع قدرة جميع أدواتها الاعلامية المنحازة على تسويق سردية أكاذيبها.. وأكبر دليل ما تشهده اميركا من «ثورة طلاب الجامعات» فيها، اضافة الى جامعات اوروبا، بدءا من لندن وألمانيا وإسبانيا مروراً بفرنسا وليس انتهاء بالدنمارك وبلجيكا.
-خسائر على كافة الصعد: من محكمة العدل الدولية.. والجمعية العمومية للأمم المتحدة.. وحتى في الجمعية العمومية لـ «الفيفا» منذ يومين.
- ثم خسارتها الكبرى في معركتها ضد وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»..والشواهد على ذلك ما يلي:
1 - موقف أردني صلب في الحفاظ والدفاع عن الدور الذي تقوم به «الأونروا»، وأهميتها، من خلال الدعم الكبير للوكالة من لدنّ جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي وضع ملف «الأونروا» ضمن أولويات لقاءات جلالته مع قادة العالم، واتصالاته ومباحثاته، كان آخرها لقاؤه مع الرئيس الامريكي جو بايدن والمسؤولين الامريكيين، واتصالات جلالته مع الدول الداعمة للاونروا، مما أسهم بعودة المساعدات لعديد من الدول التي صدّقت السردية الاسرائيلية، ثم عادت عن موقفها بعد انكشاف اكاذيبها.. إضافةً الى الإشارة بأن «الأونروا» وأهمية دورها، كانت من بين المحاور المهمّة في كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في «قمة المنامة» منذ أيام.
2 - جميع التحقيقات الدولية والمحايدة أثبتت كذب اسرائيل، وادعاءاتها ضد هذه الوكالة الدولية (آخرها تقرير اللجنة المستقلة برئاسة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا نيسان الماضي).
3 - (14) دولة من اجمالي(16) دولة سبق وأعلنت تعليق مساعداتها للأونروا، عادت عن قرارها واستأنفت دعمها من جديد.
* باختصار: «الأونروا» بما تمثّله من رمزية سياسية وانسانية باتت رمزا لـ «معركة خاسرة» بالنسبة لاسرائيل، تضاف الى خسائرها الأخرى.
- ويبقى الأردن بقيادة جلالة الملك، وتوجيهاته للحكومة وللدبلوماسية الأردنية الداعم الأول للقضية الفلسطينية وصمود الأهل في غزّة، ودعم صمود وبقاء «الأونروا».