جفرا نيوز -
بقلم د. مفضي المومني
طالعتنا الأخبار بقرارات تنسل من رحم رؤية التحديث بخصوص الإجازات دون راتب للموظف العام المحكوم بتشريعات الخدمة المدنية، بين الإلغاء أو التقنين، وفي هذا يجب على اصحاب القرار الأخذ بمجموعة من المعطيات والملاحظات ومنها:
1- الإجازة دون راتب يجب أن نفرق بينها وبين الإجازة الإضطرارية لأسباب اجتماعية او شخصية أو غيرها.
2- الجهاز الحكومي متخم بالموظفين، وهذا معلن، ومن هنا تعد الإجازة دون راتب فرصة لترشيق الجهاز الحكومي من خلال التحاق الموظف الحكومي بفرص عمل خارج البلاد او في القطاع الخاص وبرواتب مجزية.
3- إذا كانت القضية عدم تسرب الكفاءات فيمكن تقنين ذلك من خلال الموافقات المسبقة وحسب الحالة، والأخذ بعين الاعتبار أن لدينا خريجين يصل عددهم النصف مليون في ديوان الخدمة المدنية الهيئة حالياً.
4- انتقال الموظف للعمل خارج البلاد وبرواتب مجزية هو في النهاية ادخال عملة صعبة ورافد للاقتصاد، وله أثر كبير على وضع الموظف الإجتماعي والحياتي وكله يصب في الصالح العام.
5- الرواتب في الجهاز الحكومي عدا الهيئات، متدنية ولا توفر حياة كريمة للموظف، ويطمح الموظف ويسعى وخاصة في مقتبل حياته الوظيفية والعمرية للحصول على فرصة عمل براتب مجزِ، ولو كانت الرواتب لدينا مجزية لما انتقل احدهم للاغتراب والعمل خارج الوطن.
6- كثير من الموظفين المغتربين ينقلون معهم خبرات جديدة لدوائرهم اكتسبوها من المستويات المتقدمة للإدارة والعمل في الشركات او الجهات خارج الوطن وداخله.
7- لدينا بطالة معلنة تصل 23% وبطالة بين الشباب تصل 50% وانتقال الموظفين للعمل بإجازات دون راتب طويلة نسبيا يفسح المجال لتوظيف أعداد من العاطلين عن العمل.
8- الجهاز الحكومي بالغالب يعاني من التخمة والبيروقراطية، وعدم تفعيل الطاقات والقدرات الكامنة لدى الموظف العام وغياب المسائلة والرقابة، وغياب التدريب والتأهيل المناسب للموظف أثناء العمل، ومشاكل إدارية وهيكلية أخري، يجب البحث عنها وحلها لتفعيل الجهاز الإداري الحكومي، ولا أظن منع الإجازة دون راتب أو تقنينها وتضييقها من ظمن ذلك..!.
9- الاوضاع الإقتصادية وتدني الدخل وظروف خاصة مثل متابعة الدراسة أو امور عائلية، وغيرها، هي التي تدفع الموظف الحكومي للإجازة دون راتب، فيجب عدم التضييق عليه، ولا أظن مقترح الأربع اشهر او غيرها سيحل ذلك، وأشرت للتفريق بين الإجازة دون راتب طويلة الأمد وبين الإجازة الإضطرارية..!
10- بعض الموظفين الذين يتمتعون بإجازة دون راتب حالياً خارج البلاد، ولديهم مركز وظيفي متقدم ودخل عالي، ونطلب منهم توفيق اوضاعهم خلال سنة او سنتين، لديهم نجاحات واوضاع، إن تركوها سيعودون ليعانوا من الفقر والفاقة او تعطل مشاريعهم، ولنتذكر؛ بعضهم ملتزم بتدريس ابنائه، والبعض يبني بيت العمر، والبعض لديه التزامات مالية، وهنا تأتي قرارات متسرعة لا تأخذ بالحسبان كل هذا وغيره..!
11- طموحات الموظف في الجهاز الحكومي محدودة في الجوانب المالية والإدارية من ترقيات وترفيع… والإجازة دون راتب توفر للبعض طموحات مشروعة لتغيير واقع الحال… فلماذا نغلق الأبواب بوجه الموظف الحكومي تجاه فرصة ذهبية اتيحت له..! لا يوفرها نظامنا الحكومي..!.
هذه بعض الملاحظات، وهنالك غيرها، لعلّ وعسى أن تبعث التأني في إتخاذ قرارات متسرعة تهبط تحت مظلة التحديث، ولا تأخذ بالاعتبار النظرة الشمولية للوضع، ولا تتيح المرونة الكافية للموظف الحكومي، ولا تخدم الوضع الاجتماعي والاقتصادي الكلي للبلد، تريثوا يا رعاكم الله، الإجازة دون راتب ليست ترفاً، بل فرصة لموظف لتغيير الحال، يدفع ثمنها بالإغتراب وتبعاته..