جفرا نيوز -
محمد خروب
وسط صمت دولي وإقليمي مُريب ومَعيب (ما خلا إصدار بيانات وتحذيرات لا تساوي الحبر الذي كُتبت به), يواصل جيش النازية الصهيونية إصدار البيانات وتوزيع أشرطة حول سيطرته على معبر رفح الحدودي مع مصر, ضارباً عرض الحائط بكل ما يصدر عن واشنطن من «تطمينات» بأن العملية «محدودة» ولن تتوسع باتجاه رفح المدينة ومخيمات الإيواء التي حولها, ناهيك عمّا نُقل عن الرئيس الأميركي بأنه «ضمِن» بقاء معبر كرم أبوسالم مفتوحاً لمرور المساعدات «الإنسانية».
شيء من هذا الكلام الذي لا رصيد له لم يتحقّق ميدانياً, خاصة بعد سيطرة جيش العدو على المعبر الذي تدخل منه الشاحنات إلى كرم أبو سالم للتفتيش الصهيوني, ناهيك عن إعلان الجيش الفاشي انهما.. مَعبرَيّ رفح وكرم أبو سالم باتا مُغلقيْن. في وقت يستعد فيه الجيش النازي للسيطرة على «ممر فلادِلفي» كما جاء في ملاحق إتفاقية كامب ديفيد. (وليس فيلادلفيا). وهو أمر إذا ما تمَ فإنه سيُعرّض الإتفاقية إلى مخاطر.. كما قيل وحُذِّر منه.
نجح إذا نتنياهو في خلط الأوراق وفرض واقع جديد, ومن السذاجة التقليل من تداعياته. وبخاصة في «اليوم التالي» لوقف الحرب. ليس فقط في انه نال موافقة حكومة الطوارئ/كابينيت الحرب بـ«الإجماع», خاصة من مُجرم الحرب بيني غانتس وآيزنكوت, بعد أن بدا للسُذّج انهما «مُعتدلان» يمكن الرهان عليهما حال سقوط نتنياهو وإئتلاف الفاشيين الذي يقوده, بل خصوصاً في تبدبد وإفشال «المُفاجأة» المُدوية وغير المتوقعة إسرائيلياً وربما أميركياً, (بعد ان حمّل شريكا حرب الإبادة, «حماس» المسؤولية عن تعطيل الإتفاق, واعتبرا أن «الكرة» في ملعبها), التي/المفاجأة تمثلت بإعلان حركة حماس «موافقتها» على مقترح إتفاق وقف النار, الذي طرحه الوسيطان المصري والقطري, وقيل لها أنه مصحوب بـِ«ضمانات» للتفيذ.
ليس مهماً والحال هذه أن يقول مُجرم الحرب/يوآف غالنت: إن «جهود إعادة الرهائن ستتواصل حتى بعد بدء العملية في رفح», كما لا قيمة للعبارة التي تفيض زيفاً التي سارع زعيم المُعارضة الصهيونية/ يئير لبيد إلى إطلاقها بالقول: لو كنت مكان نتنياهو لـ«أَجلّتُ» الهجوم على رفح 48 ساعة. فقد نال نتنياهو مراده ومضى مُتحدياً الجميع بذريعة أن «مقترح حماس بعيد عن متطلبات إسرائيل الضرورية», غير آبه بالعبارات المُتلعثمة التي تفوح منها رائحة التواطؤ, التي تصدر عن أركان الإدارة الأميركية وبخاصة أنتوني بلينكن صاحب الجولات السبع الفاشلة على المنطقة. ناهيك عن ثرثرات مُتحدِثا البيت الابيض ومجلس الأمن القومي/كيربي, بأن تل أبيب لم تُقدّم خطة «مناسبة» لإجلاء المدنيين من رفح». ما يعني ان إدارة بايدن لا تمانع اجتياح رفح, أيا كان حجمها وأعداد الضحايا الذين سيضافون إلى الـ«120» ألفاً من الشهداء والمصابين.
كتبَ رون بن يشاي، الناطق العسكري السابق لجيش العدو الصهيوني, مقالة أول أمس/الإثنين في صحيفة «يديعوت أحرونوت» تحت عنوان: «لا خيار أمام إسرائيل غير اجتياح رفح وتكثيف الضغط العسكري» يقول (قبل إعلان حماس قبولها المقترح المصري القطري): «لم يتبقَ لدولة إسرائيل خيار آخر غير استخدام الرافعة العسكرية على حماس، والرافعة الوحيدة لدى إسرائيل الآن في هذا الشأن هي اجتياح رفح ومنطقة معسكرات الوسط, وربما حتى عملية قوية مُعادة في شمالي القطاع. بالمقابل، تقليص المساعدات الإنسانية كرافعة ضغط أمر لم يعد وارداً بالحسبان، لأنه سيضعنا في مواجهة مباشرة مع الإدارة الأميركية والأسرة الدولية». مُضيفاً في «ثقة لافتة»: الظروف التي أصيب فيها الإسرائيليون من جراء رشقة الصواريخ وقذائف الهاون, التي كانت مُتوقعة. يجب أن يُحقق فيها حتى النهاية بهدف استخلاص الدروس. نأمل عدم وجود إهمال، وحتى لو وُجد، فهذا لا يُغير السطر الأخير وهو أن الجيش الإسرائيلي مُلزم بدخول رفح، وفي الوقت نفسه ـ أضافَ ـ يجب عمل ذلك بعقل. ثمة مناحٍ أعدها الجيش الإسرائيلي وفقاً لحجم العملية, والحاجة لإخلاء اللاجئين الموجودين في المدينة. يمكن التقدير بأن كابينيت الحرب سيختار أحدها ويُصدر الأوامر دون إرجاء.
على المقلب الآخر في اليوم نفسه 6/5, وفي الصحيفة نفسها/يديعوت أحرونوت كتبت عيناب شيف مقالة تحت عنوان: مع قناعتها بـ ِ«عبثية رفح»: إسرائيل في «حوار الطرشان».. وقفُ الحرب أم الهزيمة؟ (الأقواس في العنوان للصحيفة الصهيونية) قائلة: مسيرة السخافة السياسية والأمنية التي أدّت بإسرائيل إلى 7 أكتوبر لم تتوقف هناك فحسب، بل تعاظمت إلى حوار طرشان هازئ, يتشكَّل أساساً من شعارات عليلة: «النصر المُطلق» و«رفح الآن» من جهة، وبالمقابل تشهير تلقائي بكل مُعارضة مُعلِّلة لاتفاق وقف نار وإعادة المخطوفين والمخطوفات في ظروف صعبة جداً. لا يوجد تماثل بين الطرفين، ولكن نلحظ وجه شبه. مُضيفة.. بالمقابل، إنهاء الحرب شرط ضروري، لكنه غير كافٍ للترميم, الذي تحتاجه الدولة أكثر من صُور الجيش الإسرائيلي وهو في رفح. إن إعادة المخطوفين والمخطوفات ليست «هزيمة»، بل واجب أخلاقي».