النسخة الكاملة

ذكرى الهولوكوست والحرب على غزه تزامن خارج قوانين الصدفة

الأربعاء-2024-05-08 11:06 am
جفرا نيوز -
علي أبو حبلة 

ذكرى نكبة فلسطين الأولى عام 1948 جاءت بعد سنوات قليلة من الهولوكوست النازي، لم تحظ بالاهتمام الذي تستحقه، وكذلك الحروب والمجازر التي نفذتها إسرائيل على مدار عقود طويلة، فإن حرب الإبادة الحالية التي تشن ضد الشعب الفلسطيني في غزه والضفة الغربية والقدس باتت عصية على التجاهل والإنكار.

إن إسرائيل، كمشروع كولونيالي فاشي ، تجد نفسها لأول مرة في منعطف ومفصل تاريخي تكشفت من خلاله حقائقها وهناك صدمه حقيقية لدى الغرب من هول الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين ، وتحديدًا يقظة الشعوب لدى دول الغرب وما ثورة الطلاب في الجامعات الأمريكية والغربية الا انتصار للحق الفلسطيني والسردية الفلسطينية.

لم يكن سلوكاً مستغرباً من رئيس حكومة الحرب الصهيونية بنيامين نتنياهو أن يجمع بين إحياء ذكرى الهولوكوست في متحف ياد فاشيم، وبين إعلان تصميمه على إرسال جيش حكومته لاجتياح مدينة رفح وارتكاب مجزرة جديدة مروعة لن تكون أقلّ من تذكير صريح بأنّ أهوال المحرقة تُستعاد هذه الأيام لكن بأيدي أحفاد الضحايا المنقلبين إلى جلادين ومجرمي حرب.

إن ألا عيب نتنياهو في خداع الرأي العالمي لم تعد لتنطلي على أحد وأن عمليات الابتزاز واستدرار الشفقة عن طريق تذكير العالم بذكرى الهولوكوست، أنه لم يستخدم اللغة الإنكليزية في خطابه ذاك إلا حين أوحى بأن العالم يمكن أن يتخلى عن دولة الاحتلال، وأنها مع ذلك سوف تقاتل وحيدة إذا اضطرت إلى ذلك، مستغفلاً العقول التي لا يخفى عليها مقدار ما تحظى به دولة الاحتلال من دعم ومسانده ومؤازره أو تواطؤ الولايات المتحدة والغرب عموماً مع إسرائيل التي تعتبر نفسها فوق كل القوانين والمواثيق الدولية.

لم تعد تمضي ساعات على الخطاب المتشدد لرئيس حكومة الحرب نتني اهو والمتباكي في آن واحد ومسارعة جيشه بإلقاء المنشورات والتحذير لسكان رفح والمهجرين من شماله ووسطه تحذرهم وتطالبهم بإخلاء الأحياء الشرقية من مدينة رفح والتوجه إلى منطقة المواصي جنوبي غرب القطاع. 

وفي غضون وعيد نتنياهو وإنذار جيش الاحتلال، لم يتوقف الطيران والقصف المدفعي الإسرائيلي على عموم قطاع غزة، وبخاصة على رفح، من دون استثناء منطقة المواصي ذاتها التي يُؤمر السكان بالتوجه إليها.

إن اجتياح رفح أحد أهم خيارات نتنياهو لاستمرار وإطالة أمد الحرب الإبادة ضد القطاع، وتأجيل انهيار ائتلافه الحاكم إذا توقف العدوان، والهرب إلى الأمام من استحقاقات قضائية وانتخابية يمكن أن تقوده إلى السجن قبيل سلة مهملات التاريخ.

وأن اجتياح رفح هو عملية إرباك وابتزاز لأمريكا وحلفائها وأن من شأن فتح معركة هو دفع إدارة بإيدن إلى تقديم تنازل هنا أو التراجع عن ضغط هناك، ولم يأخذ نتنياهو بالمخاوف والاعتراضات الامريكية وأن وزير الحرب غالانت أبلغ نظيره الأمريكي بقرار البدء في اجتياح رفح وكذلك فعل مع وزير الخارجية الأمريكي، بما يدل ويؤكد على أن نتنياهو غير مكترث حتى باطلاع بإيدن شخصياً على القرار والتوقيت وأن محادثة بإيدن نتنياهو لم تثن الأخير على الإقدام بمغامر اجتياح رفح.

اجتياح رفح مغامرة ومقامرة غير محسوبة النتائج والتداعيات وتدلل على إفشال مفاوضات صفقة التبادل والهدنة التي تشهدها القاهرة وأعلنت عن قبولها حماس ، وكما يبدو من المعطيات على الأرض أن نتني اهو قرر نسف عملية المفاوضات وإرسال وفد للقاهرة ليس إلا مضيعة وكسب للوقت بعد قرار المضي قدما بعملية الاجتياح لرفح.

و استكمالاً لإجراء حظر قناة «الجزيرة» بما قد ينطوي عليه من استفزاز للوسيط القطري، غير جديد، وغير مفاجئ بدوره، أن يتزامن التوقيت مع وقائع مثل إحياء ذكرى الهولوكوست، وتواجد مدير المخابرات المركزية الأمريكية في المنطقة، وتصريحات مصدر مصري «رفيع المستوى» بأن قصف كرم أبو سالم تسبب في تعثر المفاوضات وكأن استشهاد عشرات الفلسطينيين يومياً لا يفسد للتفاوض قضية.

اجتياح رفح بدأ فعلياً ومتزامن مع التطورات والوقائع والملابسات، السابقة أو سواها مما طرأ أو سيطرأ، لا علاقة له بقوانين الصدفة، إذ يندرج مباشرة وتحت طائلة قوانين حرب الإبادة وتكرار أو استئناف جرائم الحرب التي تذكّر بأهوال الهولوكوست الأبشع وترتكب من قبل اليهود بحق الفلسطينيين وهي غير مسبوقة بالتاريخ البشري الحديث.

مما يتطلب لا بل يجب أن نفهم طبيعة ومبررات تواطؤ المجتمع الدولي ولا نعول عليه، والواجب الملقى على كل الوسائل الإعلامية أن تقوم بدورها إعلاميا والاستثمار في كل ما يُساعد في إثارة القلق الاستراتيجي لدى قادة الكيان الصهيوني ، في ظل محاولات البعض لخلق الذرائع دعمًا لاستمرار حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني وبهدف منح الغطاء للمجازر التي ترتكبها آلة حرب الاحتلال، لذا فالتركيز على وصف ما يحدث في غزة على أنه هولوكوست يرهب الكيان الصهيوني ويهدد مظلوميتهم ويقضى على كنزهم الاستراتيجي في تحقيق أهدافهم.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير