جفرا نيوز -
بقلم رمزي الغزوي
وجّه لي بعض الأصدقاء لوماً بأني من أسباب انقلاب غابات عجلون إلى مقبرة نفايات عارمة. فأنا وحسب لوائح اتهامهم كنت من الذي روجوا في هذا الزاوية، وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لمواطن جمالها وطبيعتها الساحرة؛ الأمر الذي جعلها محجاً يقصده المتنزهون، ويأبى بعضهم إلا أن يتركوا بصمات لهم هناك تدل عليهم.
سعيد بهذه التهمة الغريبة العجيبة، ولكني حزين جدا أنّ غابات وربوعنا ومتنزهاتنا، وبدل أن نحفظها ونصونها نقلبها إلى مكب نفايات يثير سخطاً في النفوس العاشقة للخير والجمال. وهنا ينتابني سؤال واخز أوجهه لكل من يجرؤ ويترك خلفه تلك البصمات، هل يمكنك الرجوع الأسبوع القادم والتمتع بذات المكان وقد تركته ملوثا.
آلاف السياح حجوا إلى عجلون الجمعة الماضية. وهم في بيتهم ومحلهم ومرحب بهم، رغم أن غالبيتهم لا يفيدون المناطق من الناحية الاقتصادية إذ يأتون ومعهم لحمهم وفحمهم ولا يشترون كأس ماء من متجر هنك. لكن هذه الملاحظة ليست قضيتي الملحة الآن، مع أن الأصل أن نفكر بعقلية (ربح - ربح)، وأن نهتم بتنشيط اقتصاديات أهل تلك المناطق.
قضيتنا الساعة أننا نقتل الجمال الذي تمتعنا به، ولا نقيم وزنا لمعنى استدامته. فأحدهم مثلا علق كيس قمامته بجذع شجرة قيقب باذخة الجمال؛ فقلت في نفسي لعله كرّمها بهذه الميدالية وجازاها على احتوائها له ولعائلته لساعات طيبة.
الوضع بائس جداً. فأنا أقدر أن في أحراشنا ومتنزهاتنا مئات الأطنان من القمامة والبلاستيك، وتنظيفها يحتاج جهداً تكاملياً من الجميع. والحل لا يكون بحملات نظافة بروتوكولية يتقدمها مسؤول لا يكون هم المشاركين إلا صور (السلفي) لنشرها على مواقع التواصل. الحل أن نتبنى فضيلة ومبادرة: خذ كيسك معك.
حين نحلُّ على أي مكان هناك، دعونا نعمل على تنظيفه، وجمع نفاياته وحين نغادر ننظف خلفنا، ونحمل أكياسنا إلى أقرب حاوية. فالبلديات في تلك المناطق لا تستطيع أن توفر عامل وطن ينظف وراء كل زائر.
أراهن على لؤلؤة الخير في نفوس الزائرين. وأراهن أننا قادرون أن نشيع تلك الفضيلة بممارستنا لها والمواظبة عليها. فقط خذ كيسين أو أكثر معك ونظف ما استطعت. وهنا أدعو شباب تلك المناطق إلى تطبيق الفكرة، فما على الواحد منا سوى توزيع بعض الأكياس على المتنزهين، وحثهم على التنظيف بالعمل معهم. ومرة على مرة سنعتاد هذه الفضيلة، وستتكرس ثقافة النظافة في مجتمعنا.