كتب - العين محمد داودية
الدولة العربية الوحيدة التي تبوأ فيها معارضون وظائف قيادية ووزارات هي الأردن.
وهي الدولة الوحيدة في الوطن العربي التي يتحول فيها وزراء وأصحاب مناصب قيادية إلى معارضين بعد ان ينتهي عملهم).
الدكتور عبد المهدي القطامين.
*******
هذه الظاهرة العربية الفريدة، تعبر عن رحابة وثقة وبأس وحنكة النظام السياسي والأمني الأردني، الذي يمتلك بُنًى سياسيةً وأمنيةً، على أعلى درجات المرونة، بحيث تحتوي المعارضين الصلبين، وتحولهم إلى موالين صلبين.
النظام السياسي الأردني الراشد، لم يعامل المعارضة الوطنية الراشدة، معاملة الأعداء الذين يجب اجتثاثهم، مما اتاح اوسع الفرص للتحول من الموالاة إلى المعارضة.
وقد شمل هذا الانتقال، رؤساءَ وزارات ووزراء ومدراء أجهزة أمنية، وضباطاً متقاعدين برتب عالية...
لكن تلك التحولات ليست في الحجم الذي يسهم في تغيير وجه النظام ومحتواه، كما ان معظم من تحولوا، لم يطرحوا التغيير بمعناه الدقيق.
وفي كل الحالات فلم يكن المعارضون الذين انتقلوا إلى صفوف الموالاة، لينتقلوا لو ان النظام صنع منهم حاقدين، أو، لو أنه مس كرامتهم وعزة نفوسهم !!
بالطبع لا نحيّد الانتهازية السياسية في حالة بعض المعارضين المنتقلين، ولا نحيد الطمع في موقع أو الغضب من تقاعد، في حالة بعض الموالين.
ودائما ظل النظام السياسي، منفتحاً، متفهماً، متسامحاً، كاظم الغيظ، غير منفر ولا جلفاً. يؤمن ان الأردن طائر يحلق بجناحي الأمن والديمقراطية. وان المعارضة ضرورة وليست ضرراً.
ولا انزع من هذه الصفات، ان ثمة تجاوزت وقعت وتقع، خلال مسيرة النظام الطويلة، التي تجب ما وقع بسبب ما تحقق لنا من استقرار واستمرار وأمن وطمأنينة.
ويجب ان لا ننسى ما قالته العرب على لسان ابن الوردي:
إن نصف الناس أعداءٌ لمن ، ولِيَ الأحـكامَ هذا إن عدل !!
اي أن نصف الناس أعداء للحاكم العادل !!
ان الرضى المطلق، متعذر. فرضى الناس غاية لا تدرك، ويجب ان لا تترك.
ونأخذ في الحسبان دور الضخ الإعلامي المعادي، الذي يسعى بلا توقف أو كلل، إلى هز الرضى سعياً إلى الفوضى.
والسر في الاستقرار والاستمرار، هو أن القاعدة الاجتماعية الواسعة للنظام السياسي الأردني هي مانع الصواعق ضد الفوضى، المضمون الدائم.