جفرا نيوز -
بقلم محمد خرّوب
ليس ثمة شكوك بأن إدارة الرئيس الأميركي/بايدن, عبر إستخدامها الفيتو, قد وضعت حداً لـ «حلّ الدولتين», التي تم الترويج لها طوال ثلاثة عقود, خاصة بعد إتفاق أوسلو الكارثي, الذي استثمره قادة الدولة الصهيونية الإستعمارية الاستيطانية العنصرية, سواء منهم مَن تلبّس لبوس اليسار الصهيوني, مثل إيهود باراك, صاحب مقولة ان «ليس لإسرائيل شريك فلسطيني», وقبله بالطبع «وريث» رابين بعد إغتياله ونقصد شمعون بيرس, صاحب نظرية الشرق الأوسط الكبير والسلام «الإقتصادي», ما بالك عُتاة اليمين الفاشي في الليكود, وابرزهم مجرم الحرب/نتنياهو.
بـ«الفيتو» الأميركي/الخميس الماضي, كانت الرسالة الأميركية على درجة غير مسبوقة من الوضوح و«الشفافية», ليس مهما ان 12 دولة أيّدت مشروع القرار الجزائري (باسم المجموعة العربية), بينها دولة تمتلك حق الفيتو/ فرنسا, فضلاً عن دولة أخرى تتوفّر على الفيتو أيضا «إمتنعت عن التصويت/بريطانيا, وشاركتها الإمتناع/سويسرا, ما عنى ان أميركا وقفت وحيدة, عارية ومتلبسة بغطرسة وتاريخ إستعماري عدواني أمام العالم أجمع, الى جانب دولة عنصرية إستعمارية فاشية, مُتهمة بارتكاب حرب إبادة وتجويع لمليونيّ فلسطيني في قطاع غزة, بمشاركة أميركية مُعلنة, الأمر الذي لا يمكن تفسيره بغير تأكيد من إدارة بايدن ان حلّ الدولتين (على غموضه وصيغته المُفخّخة, وعدم إعتماده على اي مرجعية قانونية), لم يعد على جدول الأعمال, بل هناك مسار آخر هو «المفاوضات» بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
مَن هو الجانب الفلسطيني؟. واشنطن لا تذكر (حتى الآن) مَن هو الجانب الفلسطيني «المُؤهلّ» لمهمة كهذه, خاصة بعد «السابع من أُكتوبر/طوفان الأقصى», وبدء الحديث الصهيوأميركي عن سُلطة فلسطينية «مُتجدّدة ومُفعّلة", أما الجانب الصهيوني بمختلف تياراته وطروحاته السياسية والحزبية, كما العسكرية والأمنية (دع عنك «الدينية»), فهو يرفض على نحو «حاسم ونهائي», طرحا كهذا أيا كان الداعي لها وأيا كان «الفلسطيني» الذي سيقابله على الطاولة المقترحة. تماما كما كانت الحال في مؤتمر مدريد 30/10/1991, عنما قال الإرهابي إسحق شامير, في شأن مطالبة الفلسطينيين بالقدس وحق العودة: «نحن سنرفض مطالبهم, ومستعدون لمواصلة المفاوضات لثلاثين سنة مقبلات», ولم يكن «فخّ اوسلو» قد أعلن عنه وقتذاك. وكأن هذا الإرهابي كان يهجس به, إذ إنقضت ثلاثة عقود عليه/ اوسلو, ولم يتمخّض سوى عن خيبات مُتلاحقة, وإستيطان ومجازر, وتخلّي «راعي «السلام الأميركي» عن التزاماته ووعوده الكاذبة.
ها هو يعيد طرح الأسطوانة المشروخة ذاتها, فيما يواصل ضخّ الأسلحة النوعية والذخائر خصوصا القنابل الضخمة بمليارات الدولارات للدولة الصهيونية, فيما يتذاكى «بلينكن» محاولاً «رشوة» الفلسطينيين (دونما نجاح), بإعلانه من مدينة كابري الإيطالية (حيث إجتمع وزراء خارجية «مجلس إدارة العالم» المعروف إختصاراً بـ«(«G7, ان واشنطن فرضت عقوبات أميركية على مستوطنيْن إسرائيلييْن «متطرفيْن» (وكأن هناك مستوطن مُعتدل وآخر مًتطرف ما داموا لصوصاً ومُغتَصِبين).
إذ أعلنت وزارة الخزانة الأميركية/الجمعة، فرض عقوبات على كيانيْن قالت إنهما ساعدا في جمع أموال, لصالح اثنيْن من المستوطنين المُتطرفين, نفّذا أعمال عنف في الضفة الغربية. علماً ان واشنطن فرضت عقوبات منفصلة عليهما في أول شباط. وقالت الوزارة إن الكيانيْن جمعا 171 ألف دولار في المجمل لصالح الرجليْن.
الاتحاد الأوروبي لم يتأخر هو الآخر، في اللحاق بمسرحية النفاق وشراء الوقت, التي تقودها الولايات المتحدة بهدف تكريس ضم الضفة الغربية, وسلخ قطاع غزة عن الضفة والقدس المحتلة، إذ فرضَ هو الآخر عقوبات على «أربعة» مستوطنين إسرائيليين وجماعتيْن إسرائيليتيْن «متطرفتيْن», بسبب أعمال العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس. وقال مجلس الاتحاد الأوروبي، المُمثل للدول الأعضاء الـ«27»: إن الأفراد والكيانات الخاضعين لهذه العقوبات, «مسؤولون عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين».
تواطؤ وخداع ولعبة أورو أميركية قذرة من إزدواجية المعايير والعنصرية, المحمولة على تقافة إستعمارية, تغرِف من ثقافة تفوّق «الرجل الأبيض», تماماً كما تدعي الثقافة العنصرية الصهيونية التي لا تتوقف عن الزعم بتفوق «العِرق» اليهودي, حتى تجاه الرجل الأبيض, وإن بدرجات أقل عن باقي «الغوييم/ الأغيار».
وإلا كيف يمكن تفسير الجهود والضغوط الأميركية المكثفة, على الدول الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن (عددهم 10 أعضاء), بهدف منع وصول المؤيدين منح فلسطين العضوية الكاملة الى 9 أعضاء، بما هو العدد المطلوب لإقراره. رغبة من إدارة بايدن بعدم الظهور أمام العالم وكأنها إستخدمت «الفيتو», إنحيازاً للدولة العنصرية الإستعمارية. لكن المفاجأة كانت صاعقة للبيت الأبيض, إذ كانت ضغطت على «الإكوادور», كي لا تُوصل عدد المؤيدين الى 9 أعضاء, فإذا بهم 12, وامتناع 2. فهل هناك من لا يزال ضحية أوهام مُتجددة بأن إدارة بايدن, جادة في مواقفها وثرثرتها التي لاتتوقف, عن حل «سحري» اسمه حل الدولتن, فيما هي تُعطي الضوء الأخضر لمجرم الحرب/نتنياهو, للمضي قدما في إجتياح رفح, ولا تبدي أدنى إهتمام بإرتقاء أزيد من34 ألفا من الأطفال والنساء, واقترب عدد المصابين من الـ«80» ألفا, عدا الالاف ممن هم تحت الأنقاض؟.